الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجالات نصرة الدين كثيرة ومتنوعة

السؤال

عمري الآن 30 عاما، تخرجت من ‏كلية العلوم- قسم علم حيوان، ولم أجد ‏عملا مناسبا في نفس المجال، ثم ‏خرجت للعمل في مجال الصيدليات، ‏وتعلمت المهنة. استمررت سنتين، ‏ونجحت فيها والحمد لله، ولكني ‏شعرت أن هذا المجال محدود وليس ‏به أي نوع من المستقبل، فانتقلت إلى ‏مجال تصميم الجرافيك، وتعلمت ‏برامج التصميم، وعملت فترة في ‏مصر حتى وجدت فرصة في إحدى ‏الدوال العربية، وجئت وأثبت نفسي ‏بعد فترة والحمد لله، ثم تزوجت ‏والحمد لله، ورزقني الله بالزوجة ‏الصالحة التي تعوضني عن كل ما ‏فقدت في حياتي، وكنت أظن أنني ‏سأجد الاستقرار النفسي بعد ذلك، إلا ‏أنه كان يراودني شعور غريب. ما ‏الذي أقدمه في حياتي ؟ ما قيمة ‏حياتي هذه ؟؟ وكانت تصيبني حالة ‏من اليأس، وأشعر بضيق عجيب، وكنت أمر من هذه المرحلة أملا أن ‏أجد الحل في يوم ما.‏
‏ منذ عامين في رمضان 1432، ‏شاهدت برنامجا يتحدث عن التابعين ‏يقدمه عمرو خالد، وكان أول مرة في ‏حياتي أعرف من هم التابعون ‏وتعجبت لعظم ما قدم هؤلاء للإسلام، ‏وحزنت كثيرا أنني عرفتهم وعمري ‏‏28 عاما، ووقتها كان طموحي ‏ومثلي الأعلى بعض المطربين ‏والفنانين، وتحطم هذا الطموح ‏والحمد لله، وانكشفت أمامي حقيقة ‏كنت تقريبا أنا الوحيد الجاهل بها، أن ‏هؤلاء مجرد مسوخ أضلوا الناس ‏باسم الإبداع والفن، فراجعت نفسي ‏وأفكاري والحمد لله، وبدأت أفكر ‏كيف أفيد المسلمين ؟ ووجدت أن ‏مجال الجرافيك محدود، وأكبر ما ‏أستطيع تقديمه للإسلام هو أن أصمم ‏برشور أو بوستر لندوة أو درس. فما ‏قيمة هذا بجوار ما قدمه التابعون ‏للإسلام ؟
وأثناء بحثي لحل هذه المشكلة، لفت ‏نظري أن قصص وأفلام ديزني ‏المشهورة فيها الكثير من الإفساد ‏والأخطاء، وغيرها مما يضر بعقول ‏أطفال المسلمين حتى لو قدموه في ‏ثوب المتعة والتسلية، وأحيانا بها ‏الاستخفاف بالشخصية المسلمة ‏والعربية كما في أفلام علاء الدين، ‏والسندباد وغيرها. ‏
ففكرت أن أحترف رسم الكرتون، ‏وأن أبدأ برسم قصص بسيطة بها ‏التوجيه والنصائح للأطفال على أمل ‏أن تتحول هذه القصص ولو حتى بعد ‏أن أفارق هذه الدنيا إلى أفلام كرتون ‏مفيدة لأطفال المسلمين. وأن أستعين ‏بالعلماء في صياغة النصيحة بشكل ‏بسيط للطفل كي يستوعبها بسهولة. ‏ويكون ذلك ما قدمته للإسلام في ‏حياتي وما أقابل به الله يوم القيامة‏‏. وخطوة لاحقة لذلك فكرت أن أنشئ ‏أكاديمية لتعليم رسم الكرتون بناء ‏على ما سأصل إليه بإذن الله في ‏المستقبل في هذا الصدد.‏
وبعد صلاة الاستخارة، بدأت التدريب ‏وحدي من خلال الكتب والفيديو ‏التعليمي في كل أوقات فراغي، ‏والإجازات، وكان الأمر في غاية ‏الصعوبة في البداية؛ لأنني لم أكن ‏أعرف القواعد الأساسية للرسم، ‏ولكني والحمد لله تحسن مستواي في ‏الرسم، وتواصلت مع خريجي فنون ‏جميلة، وحصلت منهم على توجيهات ‏ونصائح في الرسم، بعد مرور عامين ‏لا زالت أتعلم وأتدرب، وأجدد نيتي مع ‏الله، وأدعو دائما أن يوفقني الله في ‏هذا الأمر طالما أن فيه رضا له ونفعا ‏للمسلمين. ولكن المشكلة، أنني ‏يتملكني اليأس أحيانا وأشعر أنني ‏تائه، وأنني مجرد إنسان، شخص ‏واحد ولست مؤسسة، فكيف أحقق ‏هذا الحلم الكبير! وهل سيكون مفيدا ‏فعلا للأطفال كما أتخيل أم إنني ‏ضللت الطريق؟
فهل في رأيكم هذا المشروع يمكن أن ‏يفيد أطفال المسلمين ؟ وهل إذا ‏تخاذلت وتوقفت عن المحاولة أعتبر ‏آثما في حق المسلمين ؟؟ وهل إذا ‏فارقت الدنيا ولم أكمل هذا المشروع ‏سيحسب لي هذا التدريب والسعي ‏أنني كنت أحاول أن أفيد المسلمين ‏ويحسب في ميزان حسناتي بإذن الله ‏؟؟ ‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يعظم أجرك على حملك هم نصرة دين الإسلام، وحرصك على نفع المسلمين.

والأبواب التي تنصر بها دين الله جل وعلا وتنفع بها المسلمين كثيرة جدا، فمن ذلك نشر العلم من المحاضرات والدروس النافعة في مواقع الإنترنت وشبكات التواصل وغيرها، ومن ذلك النصرة بالمال بدعم الجهات والمؤسسات التي تنشر الخير بين المسلمين، وليس شرطا أن يكون العمل الذي تنفع به المسلمين مبدعا من قبلك، بل مساهمتك في عمل غيرك مما فيه نفع للمسلمين تكون به شريكا في الأجر، كما جاء في الحديث: إن الله عز وجل يدخل الثلاثة بالسهم الواحد الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والممد به، والرامي به . رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وضعفه الألباني، ورآه بعض أهل العلم حسنا.

و أما إنتاج أفلام الكرتون الهادفة، فإنه جائز على المفتى به عندنا، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 3127 . فالقيام بمثل هذا المشروع في هذا الزمان له نفع كبير، لا سيما مع انتشار البرامج الكرتونية المسيئة والمخلة، وتعلق كثير من أطفال المسلمين بها .

وليس عليك إثم إن شاء الله في توقفك عن هذا المشروع بعينه.

ومن فضل الله على العبد أنه إن صدق مع الله وصحت نيته في عمل الخير، فإن الله يكتب أجره، ولو حيل بينه وبين العمل؛ قال صلى الله عليه وسلم : إنما الدنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل؛ وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء .. الحديث أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح .

وقال صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه . أخرجه مسلم .

وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 93709 ، 103134 , 112880.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني