الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدلة عدم تحريم الإسبال إذا لم يكن على وجه الخيلاء

السؤال

ما حكم الإسبال لغير الخيلاء؟ وأرجو ذكر العلماء الذين أجازوا الإسبال لغير الخيلاء, ولا داعي للتطرق للباقي؛ فلقد قرأت أقوال العلماء, وسؤالي – بالضبط - من هم العلماء الذين أجازوا الإسبال لغير خيلاء؟ وما هو دليلهم؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فنريد أولًا أن نفيدك بأنه يحرم إسبال الثياب مطلقًا - ولو لغير خيلاء - في القول المفتى به عندنا, كما بيناه في الفتوى رقم: 120262, وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى عدم التحريم إذا لم يكن الإسبال على وجه الخيلاء, جاء في الموسوعة الفقهية: وَاخْتَلَفُوا فِي إِطَالَتِهَا إِلَى أَسْفَل مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ كِبْرٍ وَلاَ اخْتِيَالٍ وَلاَ حَاجَةٍ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ ... اهــ .
وأما من هم؟ فقد ذكرنا أسماء جملة من العلماء الذين ذهبوا إلى عدم التحريم, وشيئًا من النقول عنهم بما يغني عن الإعادة هنا, فانظر لذلك الفتوى رقم: 21266.

وأما دليلهم: فإنهم استدلوا بأن الأحاديث الدالة على التحريم جاءت مقيدة بالخيلاء في أكثرها, وأيضًا بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام مسرعًا حين خسفت الشمس يجر ثوبه, وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: لست ممن يفعله خيلاء. قال الحافظ العراقي في طرح التثريب: التَّقْيِيدُ بِالْخُيَلَاءِ يَخْرُجُ مَا إذَا جَرَّهُ بِغَيْرِ هَذَا الْقَصْدِ، وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ فِيهِ, وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يُسْتَرْخَى, إلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّك لَسْت تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ, وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: بَابَ مَنْ جَرَّ إزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلَاءَ، وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثَ, وَحَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ, وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ.. الْحَدِيثَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ فِي تَقْيِيدِهَا بِالْجَرِّ خُيَلَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ مَخْصُوصٌ بِالْخُيَلَاءِ, وَكَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْفَرْقِ كَمَا ذَكَرْنَا. اهــ .

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني