الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في طلب المرأة الطلاق للضرر لامتناع زوجها عن الوطء

السؤال

ما حكم المرأة التي لم يجامعها زوجها منذ ثلاث سنين, وهم يعيشون في بيت واحد, وتطلبه وهو يمانع, وليس لديه أي موانع تمنعه عن معاشرتها, وهي في احتياج إليه, وهي تخاف أن تقع في المعصية؟ فما الحكم في ذلك؟ وقد طلبت الطلاق وهو رافض إلا بتنازلها عن كل حقوقها, وأريد الرد - أعانكم الله – وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أنه لا يجوز للزوج ترك جماع زوجته مدة طويلة بغير عذر، بل يجب عليه أن يعف زوجته بقدر طاقته وحاجتها, كما بيناه في الفتوى رقم: 132367.

وإذا ترك الزوج جماع زوجته بغير عذر مدة تتضرر فيها بترك الجماع فأرادت فراقه فهل لها التطليق للضرر؟ اختلف أهل العلم في ذلك، قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد: وَأَمَّا لُحُوقُ حُكْمِ الْإِيلَاءِ لِلزَّوْجِ إِذَا تَرَكَ الْوَطْءَ بِغَيْرِ يَمِينٍ: فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ, وَمَالِكٌ يُلْزِمُهُ, وَذَلِكَ إِذَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ.

فعلى قول المالكية ترفع المرأة الأمر للقاضي لينظر في أمره, فإما أن يطلق عليه, أو يمهله مدة حسب اجتهاد القاضي، قال الدسوقي - رحمه الله - في حاشيته على الشرح الكبير: أَوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ, أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ وَتَضَرَّرَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ, وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَجْتَهِدُ فِي طَلَاقِهَا عَلَيْهِ, وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا بِدُونِ أَجَلٍ, أَوْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا, وَاجْتَهَدَ فِي قَدْرِهِ مِنْ كَوْنِهِ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ, أَوْ قَدْرِهِ, أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ, فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا، وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ التَّلَوُّمِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا إذَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ, وَأَمَّا إنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.

أما على قول الجمهور فليس للمرأة الطلاق للضرر بامتناع زوجها عن الوطء، لكن لها طلب الخلع بأن تسقط له بعض حقوقها ليطلقها، فإن أبى الزوج المخالعة فللقاضي أن يحكم بالخلع, كما رجحنا ذلك في الفتويين: 105875، 126259.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني