الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آثار النظرة المحرمة وثمار غض البصر

السؤال

جزاكم الله خيرًا لما تقدمونه للمسلمين من عون وإجابة عن أسئلتهم, وأريد أن أسألكم, وأود أن تعينوني وتنصحوني, فمشكلتي تتلخص في النظر المحرم, والعادة السرية, والفراغ, والبطالة, فأنا شاب في 23 من عمري, وعندما كنت أدرس في الثانوية العامة - ونحن في بلدٍ التعليم فيه مختلط - أحببت فتاة, وكنت أجلس بجوارها أحيانًا, وكنا نتبادل الرسائل, ولكني - بحمد الله - تكلمت مع نفسي: ما هاته الذنوب التي أرتكبها؟! وقطعت علاقتي بها - بفضل الله - لأني كنت متضايقًا من تلك الذنوب التي كنت أفعلها, ونجحت في الثانوية - بحمد الله - وقمت بالدراسة في معهد متخصص - وهو به اختلاط أيضًا - لكني - بحمد الله وتوفيقه - لم أقع في أي علاقة محرمة, سوى أنني في بعض المرات كنت أنظر إلى الفتيات؛ لأن القسم مختلط, وكنت أحاول غض البصر, لكني تزل قدمي بعض المرات وأنظر إليهن؛ لأنهن متبرجات, وأطلب من الله الهداية لكل فتاة مسلمة, وأعاني - يا شيخي الفاضل - من النظر المحرم عبر جهاز الحاسوب, فبعض المرات أكون جالسًا وحدي فيغويني الشيطان والنفس الأمارة بالسوء, وأنظر إلى المحرمات, وأقوم بالعادة السرية, وأستغفر الله وأتوب إليه, وأقول في نفسي: ماذا أفعل - أعوذ بالله - وأنا - بفضل الله - لست مدمنًا على هاته العادة, فلقد تركتها مدة طويلة, والمرات التي أقوم بها نادرة, وأنا أحاول جاهدًا التخلص منها, ومن النظر المحرم, فلقد تعبت من النظر المحرم, وواللهِ إني حينما أنظر إلى تلك المشاهد القبيحة يبدأ قلبي بالنبض السريع, وأستغفر الله, وأتوب اليه, وأقول في نفسي: أنا أصلي, وأتلو القرآن, وأفعل هذا الذنب, ولكن نفسي تضعف أمام الشهوات والنفس الأمارة بالسوء, وأقع في تلك الذنوب, وأرجو من الله أن يعينني على التخلص منها, وأود منكم أن تنصحوني, فأنا شاب تائه في بحر الشهوات, وأود أن تنصحوني للتغلب على العادة السرية, والنظر المحرم, وأرجو منكم أن تدعوا لي بالهداية, وأن يرزقني الله عملًا صالحًا, فأنا أعاني من البطالة والفراغ منذ 5 أشهر, وأنا أريد أن أعمل؛ لكي أتزوج, وأبتعد عن الشهوات المحرمة - أحبكم في الله -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الهداية والصلاح, والتوفيق لما يحب ربنا ويرضى، ونسأله أن يعيذك من شر نفسك, وشر الشيطان وشركه, وأن تقترف على نفسك سوءًا, ونوصيك أيضًا بكثرة الدعاء, وسؤال الهداية من رب الأرض والسماء، والدعاء بمثل ما ورد في الصحيحين عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم آت نفسي تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها, اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع, ومن قلبٍ لا يخشع, ومن نفسٍ لا تشبع, ومن دعوة لا يستجاب لها.

وكذلك الحال بالنسبة لأمر البطالة, فنوصيك بالدعاء أيضًا, فالخير كله في يدي رب العالمين، والأرزاق مقسومة, وما كتبه الله لك سيأتيك، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود:6}، فابذل الأسباب, واستعن بالله ولا تعجز, ولمزيد الفائدة راجع الفتويين: 119608 - 112334.

هذا, مع العلم أن الذنوب والمعاصي قد تكون سببًا في الحرمان من الرزق, كما بينا بالفتوى رقم: 132579.

واعلم أن النظرة المحرمة قد توقع المرء في كثير من الشرور والآثام، وفي المقابل فإن غض البصر من أهم أسس حياة القلب, وحلول نور الإيمان فيه, فينشط صاحبه في الطاعات, ويجتنب المعاصي والسيئات, فاحرص على ذلك تغلق على نفسك باب الفتنة, وتجتنب هذه الرذيلة - الاستمناء - بإذن الله، وراجع الفتوى رقم: 7170 وقد ضمناها أيضًا بعض سبل الخلاص منها, وعليك بالحذر من الانفراد عند الدخول على الإنترنت؛ حتى لا تعين الشيطان على نفسك.

ونوصيك بالحرص على ملء فراغك بما هو نافع, والالتحاق بالهيئات الموثوق بها, والتعاون معها على الدعوة والأعمال الخيرية, وفقك الله, وسدد على طريق الخير خطاك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني