الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجران المسلم لتفادي الشعور بالحقد والكراهية والانتقام

السؤال

أنا موظفة في بيئة نسائية - ولله الحمد - ومشكلتي مع الموظفات النمَّامات اللاتي يثرن الفتن؛ مما أدى إلى سوء تفاهم بيني وبين أخريات في العمل بسببهن, وأدى إلى خروج موظفات من إدارتي, وكانت الطامة الكبرى أنهن تسببن في مشكلة بيني وبين الإدارة العليا أدت إلى فصلي, ولكن الله أظهر الحق وتم إرجاعي للعمل - بفضله ومنِّه - وبعد عودتي قررت مقاطعتهن جزاء ما فعلنه, وظللت فترة ثم تراجعت خوفًا من الله, ولكنهن لم يشعرن بعظم ما فعلن بي, وتمادين, وتسببن في تشويه صورتي أمام الأخريات, وكنت أحس بالظلم والقهر والضعف لعدم قدرتي على الدفاع عن نفسي, ولأني لم أتخذ معهن أي أسلوب لردعهن, وبعد مشكلة قررت ألا أسلم عليهن, وألا أكلمهن أبدًا إلا في ما يخص العمل فقط, وبهذا شعرت بالهدوء النفسي, واستقرت أحوالي النفسية, وذهب الحقد والرغبة في الانتقام - ولعلي أرى في مقاطعتي لهن رد اعتبار لنفسي -فما حكم ما فعلت؟ وهل يعتبر هجرًا؟ مع العلم أنه لم يردعهن مقاطعتي لهن, ولا زلن يعملن لي فتنًا ومشاكل, ولكنني ارتحت نفسيًا, وابتعدت عني هواجس الحقد والكراهية والانتقام, ومقاطعتهن بالنسبة لي أفضل من محادثتهن, وأؤكد أني أكلمهن للضرورة, وفي ما يخص العمل فقط, فأرجو توجيهي وإرشادي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ورد إلينا منك سؤالان: هذا أحدهما, والآخر بالرقم: 2388736, ومضمونه مذكور بهذا السؤال؛ ولذا سنكتفي بالإجابة على هذا السؤال ففيه غنية عن الإجابة عن الآخر, فنقول: لا يخفى أنه قلما يخلو مجتمع يعيش فيه الإنسان من حصول شيء من المشاكل بسبب الحسد, أو سوء الفهم, أو غير ذلك من الأسباب.

وينبغي للمسلم أن يتسلى بالصبر, ويستشعر أن المحن قد تحمل في طياتها منحًا، وأن النقمة قد تكون في الحقيقة نعمة, وراجعي الفتوى رقم: 18103.

وفي مثل هذه الأحوال ينبغي أيضًا اتقاء مواطن الشبهة, وتفويت الفرصة على الأعداء ليسلم المسلم من شرهم, وانظري الفتوى رقم: 55903.

والعفو والصفح عن المسيء من أعظم القربات, كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 27841.

واعلمي أن هجر من يستحق الهجر لا حرج فيه، وهو يرجع فيه إلى المصلحة, كما هو مبين بالفتوى رقم: 14139، وراجعي الفتوى رقم: 7119، وهي عن الأحوال التي يجوز فيها هجر المسلم فوق ثلاث، راجعي لمزيد فائدة كذلك الفتوى رقم: 128614، وهي بعنوان: هل يزول الهجران بمجرد إلقاء السلام أو رده؟

وننبه إلى أنه ينبغي أن يسود المجتمع المسلم التناصح, فقد ثبت في صحيح مسلم عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة, قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 13288 ففيها بيان شيء من آداب النصيحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني