الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأساليب المتبعة لحفظ التراث الإسلامي وتحقيق المخطوطات وتوثيقها

السؤال

ماهي طرق حفظ الكتب الشرعية من التحريف من كتب العقيدة والحديث والفقه وكتب الجرح والتعديل والأسانيد وغيرها من كتب الشريعة؟ وهل هناك ضوابط معينة معروفة لحفظ الكتب من التحريف؟ وهل حفظها مثلا بالإجازة والسماع؟ أو بمقارنة النسخ والمخطوطات؟ أليس قد تكون المخطوطات أو بعض النسخ محرفة؟ أم يجتهد المحققون في التصحيح بطرق مختلفة؟ خصوصا الكتب النادرة والكتب الخفيفة الانتشار؟ وهل هناك كتب تتحدث عن ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكتب قديما كان مؤلفوها يقومون بإملائها على النساخ وغيرهم، فإذا كتبت عرضت عليهم فأجازوها، وتعاد قراءتها عدة مرات أحيانا، وفي النهاية تحمل توقيع مؤلفها، وأحيانا كان المؤلف نفسه يقوم بكتابتها، فتكون النسخة بخط المؤلف، ثم بعد ذلك يقوم النساخ بكتابة نسَخهم من هذه النسخة الأم، وكلما نسخ أحدهم نسخة كتب في آخرها اسمه وتاريخ نسخها، وأحيانا النسخة التي اعتمد عليها، وكذلك ما يعرف بالسماعات، وهي أن تقرأ هذه النسخة على عالم مشهور فيوقَّع بسماعه عليها، ويكون ذلك غالبا على صفحة الغلاف، وكثير من الكتب تروى رواية ً في مجالس للسماع، فتحمل طابع الإسناد، وهكذا تنتقل المؤلفات مسلسلة من جيل إلى جيل... ثم في النهاية تستقر هذه النسخ في المكتبات العامة أو الخاصة، حتى ييسر الله تعالى لها من يقوم بتحقيقها ونشرها، فيكون من عمل المحقق توثيق هذا المخطوط ونسبته إلى مؤلفه، وقد صار الآن هذا علما تنال به درجة التخصص، وأنشئ له قسم في كليات الآداب، وأقيمت له المعاهد العليا المعتمدة، والمتخصص الكفء في هذا الجانب يكون عنده من الخبرة العلمية والعملية ما يؤهله للحكم على صحة محتوى المخطوط ونسبته لمؤلفه، وقد يستخدم في ذلك بعض التقنيات الحديثة، لمعرفة عمر المخطوط ونوع المداد المستخدم، ومن مزايا العلوم الشرعية أن أصولها لم تحفظ فقط حفظا ورقياً ومكتبياً، بل حفظت مسندة بالنقل المتصل إلى يومنا هذا، فأصول كتب التفسير والحديث والفقه لا زالت إلى الآن تُروى وتُجاز بالإسناد في بقايا من هذه الأمة، ويتناولها آخرون بالشرح والدراسة جيلا بعد جيل، هذا مع وجود النسخ المخطوطة المعتمدة الموثقة، وهذا كاف للاطمئنان لحفظ الكتب الشرعية إجمالا، فما بالنا إذا انضاف إلى ذلك تعهد الله تعالى بحفظ كتابه، كما في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر: 9}.

وهذا يلزم منه حفظ السنة المبينة للقرآن، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 190683. ثم الحفظ الإجمالي لأصول الكتب الشرعية الشارحة للكتاب والسنة، وهذا معناه أن ما يمكن وقوعه من تحريف في كتابٍ ما، لن يؤثر في الجملة على المعاني والأحكام الشرعية المحفوظة في غيره من الكتب، فضلا عن نصوص الوحيين! وهناك العديد من المؤلفات في موضوع تحقيق المخطوطات ودراستها وكيفية توثيقها، من أشهرها كتاب شيخ المحققين الأستاذ عبد السلام هارون تحقيق النصوص ونشرها، ومن أهمها كتاب: المخطوط العربي للدكتور عبد الستار الحلوجي، وهو الكتاب الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية، ومنها كتاب منهج تحقيق النصوص ونشرها للدكتور حمّودي القيسي والدكتور سامي العاني، وكتاب تحقيق التراث للدكتورعبد الهادي الفضلي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني