الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الائتمام برجل صوته غير ندي ولا يشعر بالخشوع من صلى خلفه

السؤال

إمام المسجد يقرأ من القرآن في الصلوات الجهرية، ولأنه يركز على القراءة أكثر من التدبر فهذا أفقدنا الخشوع في الصلاة، أضف إلى ذلك أن صوته غير جميل، فما حكم الشرع في ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الإمام متقنًا لقراءة القرآن، وعالمًا بأحكام الصلاة وما يقيمها وما يبطلها وما يعرِض فيها من سهوٍ وما يوجب الاستخلاف وغير ذلك، وكان مستقيمًا في دينه وحسنًا في خلقه فلا نجد مسوِّغًا للمطالبة بعزله واستبدال غيره به، وأما قولك ـ حفظك الله ـ إن عنايته بإتقان القراءة أعظم من عنايته بالتدبر فلا نُقِرُّك عليه، لأن التدبر يقوم بالقلب، وهو من أعظم أعماله، قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {محمد:24}.

فجعل سبحانه وتعالى التدبر من أعمال القلوب، ولا سبيل لأحد للاطلاع على ما في قلوب العباد إلا رب العالمين سبحانه وتعالى.

وأما فقدان المصلين الخشوع في الصلاة: فلا يُلام عليه الإمام، لأن حصول الخشوع فيها متوقفٌ على اجتهاد المصلين أنفسهم في الأخذ بأسبابه، وقد ذكرنا طرفًا من وسائل تحصيل الخشوع في الصلاة في الفتاوى التالية أرقامها: 6598 9525، 24093.

ولا ينبغي أن يكون حُسنُ الصوت وجودتُه معيارًا يُختار أئمة المساجد تبعًا له، بل ينبغي أن يكون المعيار هو مدى إقامتهم للصلاة وإتقانهم لفقهها وما يعرض لهم فيها، فإن الأئمة ضامنون ومُتَكَفِّلون بصحَّة صلاة مَن يقتدي بهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإِمَامُ ضَامِنٌ. رواه أبو داود والترمذي.

وقد ذمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديم الشباب من صغار السنِّ ليؤموا المصلين لا لشيء سوى حُسن أصواتهم الذي يشبه الغناء، فقد روى الإمام أحمد في المسند بإسناده عن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا.

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: نَشْوًا ـ أي: جماعةً أحداثاً صغارَ السن.

وعلى هذا، فإننا ننصحكم بالصبر على إمام مسجدكم، وأن تعتنوا بتحصيل أسباب قبول الصلاة، ولمزيد فائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 118910، 139482.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني