الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء في الطلاق بغير ألفاظه الصريحة أو الظاهرة

السؤال

قرأت أن جمهور الفقهاء يرون أن الألفاظ التي لا تحتمل معنى الطلاق وغيره لا يقع بها طلاق على سبيل الكناية, بينما يرى الإمام مالك أن طلاق الكناية يقع بها, فما الحكم إذا قال رجل لزوجته لفظًا لا يحتمل الطلاق وفي نيته الطلاق, واستفتى فقيل له تبعًا لجمهور الفقهاء لا يقع الطلاق, وتبعًا للإمام مالك يقع الطلاق, ولكن الرجل يشعر باقتناع داخلي أن الإمام مالك هو المصيب؟ فهل للرجل اتباع رأي الجمهور ليسره - خصوصًا أن الرجل ليس على درجة عالية من العلم الشرعي -؟ أم يأخذ برأي الفقهاء لأنهم الأرجح؟ أم عليه اتباع رأي الإمام مالك؟ أم أن الطلاق يقع تلقائيًا لاقتناعه بفكر الإمام مالك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوقوع الطلاق بألفاظ الكنايات الخفية التي لا تشبه الطلاق محل خلاف بين المذاهب, فالمالكية في مشهور مذهبهم يرون وقوع الطلاق بكل لفظ قصد به الزوج الطلاق, ولو لم يوضع له، قال خليل: وإن قصده بكاسقني الماء أو بكل كلام: لزم. قال الخرشي معلقًا: يعني أن الإنسان إذا قال لزوجته: اسقني الماء, أو ادخلي, أو اخرجي, أو كلي, أو اشربي, أو غير ذلك مما ليس من ألفاظه, ولا من ألفاظ صريح الظهار, وقصد بذلك الطلاق فإنه يلزمه على المشهور؛ لأن هذه الألفاظ من الكنايات الخفية, فيلزمه ما نواه من طلقة فأكثر, فإن لم ينو طلاقًا فلا.

وأما الشافعية فلا يرون وقوع الطلاق بما لا يشبه ألفاظ الطلاق, قال في المهذب: فصل: وأما ما لا يشبه الطلاق, ولا يدل على الفراق من الألفاظ, كقوله: اقعدي, واقربي, واطعمي, واسقيني, وما أحسنك؟ وبارك الله فيك, وما أشبه ذلك, فإنه لا يقع به الطلاق, وإن نوى؛ لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق, فلو أوقعنا الطلاق لأوقعناه بمجرد النية, وقد بينا أن الطلاق لا يقع بمجرد النية.

وكذلك الحنابلة لا يرون الطلاق إلا باللفظ الصريح, أو بالكناية الظاهرة, قال في المغني: فصل: فأما ما لا يشبه الطلاق، ولا يدل على الفراق، كقوله: اقعدي, وقومي, وكلي, واشربي, واقربي, وأطعميني, واسقيني, وبارك الله عليك, وغفر الله لك, وما أحسنك؟ وأشباه ذلك، فليس بكناية، ولا تطلق به، وإن نوى؛ لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق، فلو وقع الطلاق به لوقع بمجرد النية، وقد ذكرنا أنه لا يقع بها.

ومما تقدم تعلم ما لأهل العلم من الخلاف في هذه المسألة جملة بين من يلزم الطلاق بكل لفظ, وبين من يرى الطلاق بغير ألفاظه الصريحة أو الظاهرة لغوًا لا اعتداد به.

أما ما ذكرت من أمر الشعور بأن مالكًا دون غيره مصيب: فذلك أمر لا اعتبار له طالما أنه إحساس لم يستند إلى دليل، فلا يقع الطلاق تلقائيًا لمجرد الاقتناع بمذهب الإمام مالك، ولك أن تراجع فتوانا رقم: 199943 وهي في معنى استفتاء القلب.

وأما عن ماذا يلزم المقلد إذا اختلفت عليه فتاوى المفتين فراجع الفتويين التاليتين: 170671 . 180063.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني