الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لبس النقاب ليس من الغلو في الدين

السؤال

أنا من تونس وعمري23 وقد هداني الله والحمد لله وارتديت النقاب منذ شهرين معتقدة وجوبه وارتديته دون رضا أبي وأمي تطبيقا لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف ـ وأهلي شيخنا لا تحكمهم إلا العادات والتقاليد التي تتعارض كثيرا مع أحكام الكتاب والسنة إنهم يعتقدون أن الإيمان في القلب وأن طيبة القلب كفيلة بإدخالنا الجنة حتى وإن كنا لا نصلي ولا نرتدي الحجاب وأن النقاب فيه غلو في الدين ـ أسأل الله أن يغفر لهم ويردهم إليه ردا جميلا ـ وهذا ما جعلني أجد صعوبة في إقناعهم، والآن يطلبون مني خلع النقاب لأجل العمل وأنا شيخنا أخت لسبع بنات وأخ وحيد عمره سبعة عشر سنة ما زال يزاول الدراسة وأبي رجل مريض بالقلب ولا يستطيع العمل بقرار من الطبيب لذلك أمي هي التي تعمل من أجل توفير قوت يومنا وتسديد الكراء وأنا الوحيدة الحاصلة على شهادة علمية تخول لي العمل أتيحت لي الفرصة إن شاء الله كمعلمة أو أستاذة، والمشكلة شيخنا أن أهلي يريدون مني خلع نقابي والعمل في مدرسة أو معهد ولا شك أنه سيكون هناك اختلاط وفرصة العمل ما زالت فرضية وكما أنهم يتصورون أن تمسكي بالنقاب والإبقاء على ارتدائه سيضع حاجزا بيني وبين قبولي في العمل بالإضافة إلى أنهم لا يريدون مني أن أعمل أي عمل آخر يريدون مني العمل بشهادتي فقط وأي عمل آخر فهو مرفوض وقد كنت أعمل وقد أجبروني على ترك العمل عندما لبست النقاب وأنا والله العظيم أقبل أي عمل لإعانتهم وإن كان شاقا والمهم عندي أن يكون فيه ما يرضي الله وسؤالي شيخنا هو: ماذا أفعل؟ لأنني بصراحة أصبحت قلقة جدا بسبب إحساسي بالذنب تجاه أبي المريض وأمي التي تتعب كثيرا لأجلنا كما أنني أخاف أن أكون قد ظلمت أهلي بارتداء النقاب؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت بارتدائك النقاب فجزاك الله خيرا، فتغطية الوجه واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء، كما بيناه بالفتوى رقم: 5224.

وإذا كان الشيء مفروضا شرعا فلا يجوز طاعة أحد في تركه ولو كان الوالدان هما من يأمر بذلك، ويدل عليه ذلك الأصل الأصيل الذي ذكرته وهو حديث: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.

فإن كان أهلك يريدون منك خلعه فقد أساءوا، وأسوأ من هذا ما ذكرت عنهم من قولك: إنهم يعتقدون أن الإيمان في القلب وأن طيبة القلب كفيلة بإدخالنا الجنة حتى وإن كنا لا نصلي ولا نرتدي الحجاب وأن النقاب فيه غلو في الدين إلخ فهذا كلام مجانب للصواب، فالإيمان الذي لا يتبعه عمل والتزام بالشرع إيمان زائف ودعوى لسان، وصلاح القلب يستلزم صلاح العمل، كما أن فساده يستلزم فساد العمل، والقلب وإن كان محل نظر الرب جل جلاله ولكن الله تعالى ينظر إلى عمل العبد كذلك، كما قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة.

وانظري الفتوى رقم: 11112.

ولبس النقاب ليس من الغلو في الدين، فالغلو هو تجاوز الشرع، وفي النقاب التزام بحدود الشرع، وراجعي الفتوى رقم: 69967.

وخلع النقاب أو العمل في مكان مختلط لا يجوز، فإن كنت في حاجة إلى العمل لمساعدة أهلك وأمكنك الحصول على عمل مباح لا يترتب عليه مثل تلك المحاذير ولو لم يكن في مجال تخصصك، فلا يجوز لك الالتحاق بعمل يترتب عليه ما ذكرنا لغير ضرورة، وينبغي في هذه الحالة أن تحاولي إقناع أهلك بالموافقة على هذا العمل، واستعيني عليهم بذوي الرأي ممن ترجين أن يقبلوا قوله، وراجعي الفتوى رقم: 117737، لمزيد الفائدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني