الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث: يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستون ذراعا

السؤال

أرجو الحكم على هذا الحديث وشرحه كله: يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستون ذراعا بذراع الملك، على حسن يوسف، وعلى ميلاد عيسى: ثلاث وثلاثون سنة، وعلى لسان محمد، جرد مرد مكحلون ـ وخصوصا الكلمات الآتية: بذراع الملك، وعلى ميلاد عيسى وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا الحديث جاء بعدة روايات وقد حسنه بعض أهل العلم، فقد قال ابن حجر الهيتمي في فتاواه: أخرج الشيخان عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعاً ـ وأخرج الطبراني وابن أبي الدنيا بسند حسن عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل أهل الجنة الجنة جُرْداً مُرْداً بيضاً مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم طوله ستون ذراعاً في عرض سبعة أذرع وفي رواية للترمذي وغيره: من مات من أهل الدنيا من صغير أو كبير يردون أبناء ثلاث وثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبداً وكذلك أهل النار، وفي رواية عند ابن أبي الدنيا: على طول آدم ستون ذراعاً بذراع الملك، وعلى حُسن يوسف، وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين، وعلى لسان محمد جرداً مرداً مكحلين. اهـ.

وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: ما من أحد يموت سقطا ولا هرما، وإنما الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاثين سنة، فإن كان من أهل الجنة كان على نسخة آدم، وصورة يوسف، وقلب أيوب، ومن كان من أهل النار عظموا أو فخموا كالجبال ـ حسن بطرقه وشواهده، وروي مختصرا بلفظ: يحشر الناس يوم القيامة ما بين السقط إلى الشيخ الفاني، وهم أبناء ثلاث وثلاثين سنة ـ وإسناده صحيح، وروي من طريق أخرى بزيادة: المؤمنون منهم في خلق آدم عليه السلام، وقلب أيوب وحسن يوسف عليهم السلام، مرد مكحلون أولو أفانين ـ ولبعضه شاهد بلفظ: يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك، على حسن يوسف، وعلى ميلاد عيسى: ثلاث وثلاثون سنة وعلى لسان محمد جرد مرد مكحلون. اهـ.

وأما عن معناه: فإنهم على قدر اكتمال الشباب مثل عمر عيسى ـ عليه السلام ـ ثلاث وثلاثون سنة، وعلى درجة عالية من الحسن مثل جمال يوسف ـ عليه السلام ـ وأنهم يتكلمون العربية التي هي لغة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما الذراع: فهو قدر ذراع ملك عظيم، وربما كان ملك اليمن الذي يدعونه الجبار الذي كان يمثل بذراعه، كما في الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار، وضرسه مثل أحد. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ـ ووافقه الذهبي في تلخيصه.
قال ابن حبان: الجبار: ملك باليمن، يقال له: الجبار.

وقال الحاكم: قال الشيخ أبو بكر ـ يعني: أبا بكر ابن إسحاق شيخ الحاكم: معنى قوله: بذراع الجبار أي: جبار من جبابرة الآدميين ممن كان في القرون الأولى ممن كان أعظم خلقا وأطول أعضاء وذراعا من الناس. انتهى.

وقال ابن الأثير في النهاية: ومنه الحديث الآخر: كثافة جلد الكافر أربعون ذراعا بذراع الجبار ـ أراد به هاهنا الطويل، وقيل: الملك، كما يقال: بذراع الملك، قال القتيبي: وأحسبه ملكا من ملوك الأعاجم كان تام الذارع. انتهى.

وقال المناوي في التيسير: ضرس الكافر مثل أحد، وغلظ جلده سبعون ذراعاً بذراع الجبار ـ أراد به مزيد الطول، أو الجبار اسم ملك من اليمن، أو العجم كان طويل الذراع. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني