الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا خير في بقاء الزوجة مع المصر على الشذوذ الجنسي

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ 14 عاماً ولم يقدر الله عز وجل لي أن أرزق بأطفال، ومنذ بداية زواجي لاحظت على زوجي تصرفات لها علاقة بالشذوذ الجنسي مع الذكور، وكانت الشكوك تدور في رأسي حتى تبين لي يقيناً بأنها ليست شكوكاً بل هي واقع، وعندما واجهته بكل ما عرفته عنه اعترف بكل شيء حتى إنه بات يذكر لي قصص الماضي وكيف ابتدأ مشواره في هذا الطريق، فأبلغت والدي بما جرى طالبة الطلاق، ففوجئت بالمعارضة الشديدة من قِبلهم وأنه يجب علي الاستمرار بالحياة معه كزوجة، ولم تكن بيدي حيلة غير هذا واستمررت بالعيش معه، ومرت الأيام واستمر هو على ما هو عليه وبقيت أتجرع كأس المرارة وحدي، حتى انتقلنا للعيش في بلد آخر فقلت في نفسي هذه فرصة كي يتغير خاصة وأنه سيكون قريباً من أهله، لأنني طلبت العيش مع أهله رغبة في إصلاح الأحوال، إلا أن شيئاً لم يتغير فكل شيء بقي على ما هو عليه، وبعدما كثرت المشاكل بيني وبينه بخصوص أفعاله، طلبت منه الطلاق، وبعد كثير من المنازعات وافق وذهبنا إلى المحكمة واعترف للقاضي بأفعاله، وقال له كما كان يقول لي دائماً بأنه تاب وسيصلح من أحواله لكنني بقيت مصرة على طلب الانفصال منه فوافق القاضي على طلبي بشرط حضور ولي أمري، ووالدي ليس في هذه البلدة، فاتصلنا به وقال للقاضي بأنه بريء مني في الدنيا والآخرة إن انفصلت عن زوجي، فاستاء القاضي من موقف والدي، وأتم إجراءات الطلاق، وانفصلت عنه لمدة عامين تقريباً عشت فيها في بيت مستقل، أعيل نفسي بنفسي، وكان اعتمادي فيها على رب العالمين وعلى راتبي الذي أتقاضاه آخر كل شهر، وخلالها لم تكف والدتي عن الاتصال بي مطالبة إياي بالرجوع إليه، لأنه لم ينقطع عن الاتصال بهم راجياً عودتي، مع العلم بأن والدتي أبقت طلاقي سراً لم تخبر به أحداً من أهلي وإخوتي، وتمكن بعدها من الوصول إلي وبدأ يحادثني هاتفياً، وبسبب ضغوطات الأهل والضغوطات المادية التي أعاني منها، وحديثه معي بأنه تاب وصلحت أحواله، استخرت الله عز وجل في الرجوع إليه، وتيسرت الأمور ورجعنا بعقد جديد فانتقل للعيش معي، لكنني بدأت أجده يدخل الأنترنت باحثاً عن مواقع الشذوذ الجنسي ويحدث بينه وبين بعض مرتادي هذه المواقع اتصالات هاتفية، ومضى على عودتي إليه سنة ونصف خلالها تمكنت من معرفة عودته لهذه الحالة ثلاث أو أربع مرات، وفي كل مرة أتحدث معه يعتذر راجياً السماح وأنه سيصلح أحواله، وهذه المرة واجهته كما كنت دائماً لكن جوابه كان مختلفاً فاعترف لكنه قال لي بأنني ظلمته لأنه يفعل ذلك من أجل التسلية لا أكثر، فعاودت إخبار أهلي بما يحدث لكن ردهم لم يختلف، قالت لي أمي بأنني أعلم بأن رضى الله من رضى الوالدين فإن شئت أن يتم الله رضاه عني فيجب أن أبقى معه، أنا في حيرة من أمري هل أجبر نفسي وأبقى معه محتسبة عند الله؟ أم أعارض أهلي وأعاود الانفصال عنه وأستقل بالعيش وحدي؟ أفتوني في أمري جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، لكن باب التوبة مفتوح، ومن تاب تاب الله عليه، فإن كان زوجك يقارف تلك الكبيرة الشنيعة، فلا تيأسي من إصلاحه وداومي نصحه وبيني له فداحة هذه المعصية وخوفيه عقاب الله في الدنيا والآخرة، واجتهدي في إعانته على تقوية صلته بربّه وحثه على مصاحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والذكر، وسماع المواعظ النافعة، فإن أصرّ على هذه الكبيرة، فلا تلزمك طاعة أهلك في البقاء معه، والأولى أن تطلبي الطلاق منه، قال البهوتي: وإذا ترك الزوج حقا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله فيستحب لها أن تختلع منه لتركه حقوق الله تعالى.

والطلاق ليس شرا في كل الأحوال، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء: 130}.

قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

وللفائدة انظري الفتوى رقم: 178697.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني