الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام هجر الأخ الغارق في المعاصي

السؤال

ما حكم قطع صلة الرحم مع أخي إذا كان آثمًا وأخطأ في حقي؟ فهو يكلم بنات على الشات, ووقعت بيني وبينه مشكلة بسبب ذلك, وحاولت نصحه ورده عما يفعله - خاصة أنه تارك للصلاة, ويستمع كثيرًا للأغاني - ولكنه لم يستمع لي, بل قابل نصحي بضربي, ولم أعد أكلمه, بل لا أسلم عليه, وهو يصغرني بثلاث سنوات, وقد مضى على هذا الحال شهران تقريبًا, ولا أشعر برغبة في الحديث معه أو مجالسته, وأصبحت أنفر من مجرد رؤيته؛ حتى أني بدأت أنسى شكله مع أننا نعيش في بيت واحد, وأمي لم يعجبها حالنا, وأخبرتني أن والدي لو علم بالأمر فلن يسامحني أبدًا على هذا الفعل, وقد سامحته, ولكني لا أستطيع الكلام معه وهو غارق في المعاصي, وقابل نصحي له بتهم باطله في حقي, وضربي بعنف, وأعلم أني لو عدت أكلمه بشكل طبيعي فلن أستطيع السكوت عما يفعله, وسيتكرر ما حصل, خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يقابل فيها نصحي له بهذا الشكل, فهل ما أفعله هو قطع لصلة الرحم وآثم عليه؟ وماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن تبقى المودة والصلة قائمة بين المسلمين, أحرى من تأزرت أخوة الدين فيه بأخوة النسب، والهجر والقطيعة ليسا في الدين مقصدًا يراد لذاته, وإنما هما وسيلة تقوم بقيام الحاجة إليها, وتنتفي بانتفاء ذلك.

وبناء على هذا, فلتنظري في شأن هذا الأخ, فإذا كان في هجره ردع له, وزجر عن التمادي في معصيته, فلا بأس بذلك, بل هو مطلوب لتحقيق هذا القصد، وليكن الهجر حينئذ في ذات الله - عز وجل - وليس لحظ النفس.

أما إذا كان الهجر لا يحقق غرضًا شرعيًا فالتمادي في النصح - ولو قل - وإبقاء المودة مقدم على الهجر لغير فائدة, وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 149059 / 53706 / 97600 .

هذا؛ وإذا كان في هجر هذا الأخ دفع لضرر يخشى منه - كضربه, أو سبه لك - فلا بأس به في هذه الحالة أيضًا، قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصًا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني