الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا بأس في الأخذ بفتوى جهة الإفتاء في شأن طلاقك

السؤال

طلقت زوجتي طلاقًا ثالثًا بعد أن كان عندنا أحد أصدقائي وزوجته, وقامت زوجته بإخبار زوجتي أن هناك مجموعة من الفتيات - أعرفهن أنا وصديقي - نتحدث إليهن عبر الهاتف .. إلى آخره, وبعد أن خرجوا من عندنا بدأت زوجتي بتوجيه الاتهامات لي, والصراخ, والسب, وغيره, فغضبت كثيرًا منها بعد محاولتي إقناعها أنه ليس هناك شيء مما تقول, وقمت بدفعها عن الطريق لأدخل لغرفة أخرى, فقامت بضربي, فدفعتها أنا وبدأت بضربها, وتدافعنا وهي تقاومني وأنا أقاومها إلى أن ابتعدت عنها, وقامت هي بالدخول لغرفة أخرى, وأنا جلست بغرفة الجلوس, وبعد دقيقة واحدة خرجتْ هي مسرعة لغرفة فيها مكان نحفظ به الأدوية, وبدأت تفتح علب الدواء وتشربها - من حبوب وغيره - بهدف الانتحار, وكنتُ في هذه اللحظة مصابًا بالذهول مما يحصل أمامي, فأمسكتها وبدأت أحاول فتح فمها لإخراج هذه الحبوب, وكانت تقاوم وأنا أقاومها أيضًا, وكانت تدفعني وتضربني بيديها, فقمت بسحبها للخارج بالمدافعة والضرب, وأدخلتها دورة المياه بعد عناء طويل ومدافعة وصراخ, فلم أستطع أن أخلصها مما في فمها, وبدأت هي بالدخول في حالة إغماء, فدفعتها خارج دورة المياه على الأرض, وهنا شعرت أنني فقدت شعوري بما يحيط بي, وبدأت أرى الأشياء كأنها سراب, فقمت بضرب عمود من الجبس موجود في بيتي على شكل مداخل أبواب, وكسرته وبقيت يدي بداخله, فقمت بسحبها, وكان شعوري كشخص يغرق في الماء, وركضت مسرعًا لكي أقوم بتكسير التلفاز, فقامت هي بعد أن عرفت بأني أصبحت غير طبيعي, ودخلت في حالة هستيرية من الغضب, وبدأت بمحاولة الإمساك بي, ولكنها لم تستطع مقاومتي, فبدأت أضربها وأدفعها, وهنا بدأ يصدر مني الطلاق, وهي تحاول إمساكي ودفعي وأنا أتهرب منها؛ لكي أحطم أشياء أخرى, وكانت تمسك فمي وتقول: يكفي يكفي, ولكني لم أعد أستطيع السيطرة على نفسي, وكنت في حالة لا أرى فيها أي شيء من حولي, فقامت بدفعي على مقعد الجلوس, وكانت تغلق فمي عن الصراخ وإصدار الطلاق, فشعرت بأنني سأختنق فدفعتها وركضت لدورة المياه, وخلعت ملابسي, ورميت نفسي في الماء, وخرجت, وكان الخراب قد عم وهي تبكي, وتقول لي: ما الذي حصل؟ ما هذا الذي نحن فيه؟ فقلت لها: كل هذا منك, فأنت من دفعني للقيام بكل هذا, إلى متى هذه الحال؟ إلى متى؟ فبدأت تقول لي: إنها لا تستطيع العيش إلا معي, وإن هذه آخر مرة توصلني فيها لهذه الحال, وجلسنا وقلت لها: إنني أحبها كثيرًا, ولا أريد طلاقها ... الخ.
والآن وبعد كل هذا أذكر أنني طلقت, ولكني طلقت بهذه الحال, ولو قال لي أحدهم: هل كنت واعيًا أم لا؟ فسأقول: لا أعرف, فهذا الطلاق منذ خمسة شهور تقريبًا, وأنا منذ أن كسرت العمود لا أذكر شيئًا, وكل هذه الرواية من زوجتي, ولا أعرف كم مرة طلقت, ولا أين, ولا ما كان يدور في داخلي, ولا أي شيء, ووجدت أني أحمل رواية بداخلي تختلف عن الحقيقة, ولا أستطيع تذكر أي شيء, ولكني أعرف أنه حصل طلاق في ذلك اليوم, ولو أنني سئلت بعد الطلاق مباشرة - ربما - أجبت, ولكني الآن لا أستطيع تذكر أي شيء, وأنا الآن أعيش في تعاسة كبيرة جدًّا, ولا أستطيع أن أكمل حياتي فقد توقفت هناك, وعقلي لا يساعدني على التذكر, وكل الرموز تقول: إنني كنت في حالة غضب كبير, ولكني لا أعرف نفسي إلى أي مدى وصلت, وهل كنت مريدًا للطلاق أم أن الكلام كان يصدر مني هكذا على مجرى اللسان, وهل كنت مدركًا أم لا؟ وقد ذهبت للإفتاء في بلدي, ولكن سياستهم التخفيف والتسهيل, أما أنا فأرجو منكم - لو كان بالإمكان - أن أصلكم لأي بلد كنتم لأحكم شرع الله وأنتهي مما أنا فيه, وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت جهة الإفتاء في بلدك أفتتك بعدم اعتبار طلاقك بسبب ما وصلت إليه من الغضب فلك أن تأخذ بفتواها، واعلم أن الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف, وعلى الرجل أن يقيم حدود الله في بيته, ويجتنب المعاصي الظاهرة والباطنة, ويتعاون مع زوجته على طاعة الله، فتوبا إلى الله, وأقبلا عليه, وبين لزوجتك أنّ الانتحار كبيرة من أكبر الكبائر, ومعصية عظيمة لا يقدم عليها مؤمن، فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبدًا، كما ننصحك بمجاهدة نفسك لاجتناب الغضب الشديد، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي قَالَ: لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر, وأن التحرز منه جماع الخير.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني