الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات مفارقة المأموم لإمامه

السؤال

ما هي الحالات التي يجب فيها مخالفة الإمام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان المقصود بـ"مخالفة الإمام " قطع الاقتداء به، أو مفارقته مع بقاء الاقتداء به، فسنسوق لك بعض المسائل من شتى المذاهب، وإذا كان بعض هذه المسائل فيه مذهب لأهل العلم ببطلان الصلاة، ومذهب بصحتها، فمن الاحتياط العمل بقول المبطل وإعادة هذه الصلاة خروجا من خلاف أهل العلم، وسيكون تفصيل هذه المسائل على النحو التالي:

1ـ إذا قام الإمام لركعة زائدة يقينا، فلا يجوز للمأموم متابعته.

جاء في المجموع للنووي: بخلاف ما لو قام إلى ركعة خامسة، فإنه لا يتابعه، حملا له على أنه ترك ركنا من ركعة؛ لأنه لو تحقق الحال هناك لم تجز متابعته؛ لأن المأموم أتم صلاته يقينا. انتهى.

وفي مطالب أولي النهى للرحيباني: أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَامَ لِزَائِدَةٍ، وَنَبَّهَهُ الْمَأْمُومُونَ، فَلَمْ يَرْجِعْ؛ وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ، وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَحْدَهُ. انتهى.

2ـ إذا ترك الإمام ركنا كسجدة، وسُبح به ولم يرجع.

جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: إنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَتَرَكَ الثَّانِيَةَ سَهْوًا وَقَامَ, لَمْ يَتْبَعْهُ مَأْمُومُهُ, بَلْ يَجْلِسُ وَيُسَبِّحُ لَهُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ، فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَّمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يَتْبَعُونَهُ فِي تَرْكِهَا, وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ. اهــ .

3ـ إذا تنحنح الإمام وبان منه حرفان، ودلت قرينة على أنه قد فعل ذلك لغير عذر، أو لحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى عند بعض أهل العلم.

جاء في نهاية المحتاج للرملي: ولو ظهر من إمامه حرفان بتنحنح، لم يلزمه مفارقته حملا له على العذر؛ لأن الظاهر تحرزه عن المبطل. نعم قال السبكي: قد تدل قرينة حاله على عدم عذره، فتجب مفارقته. قال الزركشي: ولو لحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى وجبت مفارقته كما لو ترك واجبا. انتهى.

4ـ إذا اقتدى شخص في التشهد الأخير بإمام يصلي قائما.

جاء في فتاوى الرملي: (سُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَدَى فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ بِمَنْ يُصَلِّي قَائِمًا مَاذَا يَفْعَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ، بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِعُذْرٍ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ فِي تَشَهُّدِهِ، وَطَوَّلَ الدُّعَاءَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ. انتهى.

5ـ إذا ترتب على الاقتداء بالإمام الإخلال بركن من الصلاة كالطمأنينة مثلا.

جاء في فتاوى ابن عثيمين: وسئل فضيلة الشيخ: إذا دخل الإنسان في صلاة سرية، وركع الإمام ولم يتمكن هذا الشخص من إكمال الفاتحة. فما العمل؟

فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان مسبوقاً بمعنى أنه جاء والإمام قد شرع في الصلاة ثم كبر، واستفتح، وقرأ الفاتحة، وركع الإمام قبل انتهائه منها، فإنه يركع مع الإمام ولو فاته بعض الفاتحة؛ لأنه كان مسبوقاً فسقط عنه ما لم يتمكن من إدراكه قبل ركوع الإمام، وأما إذا كان دخل مع الإمام في أول الصلاة وعرف من الإمام أنه لا يتأنى في صلاته، وأنه لا يمكنه متابعة الإمام، إلا بالإخلال بأركان الصلاة، ففي هذه الحال يجب عليه أن يفارق الإمام، وأن يكمل الصلاة وحده؛ لأن المتابعة هنا متعذرة إلا بترك الأركان، وترك الأركان مبطل للصلاة. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 112518

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني