الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال العطر الممزوج بالكحول

السؤال

لقد قرأت في موقعكم أن العطور الكحولية نجسة بسبب الكحول، لكن ما أظنه علميا أن الكحول تتطاير، وتتبخر بعد رش العطر بفترة قصيرة، مما يذهب سبب النجاسة. ولا يتبقى من العطر إلا رائحته على الملابس. فهل هذا يبيح استخدامها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكحول تعتبر خمرا، ومن المعلوم أن الخمر نجسة عند أكثر أهل العلم كما ذكرنا في الفتوى رقم: 116140

وعلى هذا، فإذا أضيفت الكحول إلى العطور وهي ما زالت مسكرة، فقد صارت العطور نجسة، وبالتالي فإذا رشت على على ثوب أو غيره، فقد تنجس الموضع الذي أصابته تلك العطور، وإذا كانت الكحول قد استحالت عن أصلها، كأن عولجت وصارت غير مسكرة، فقد طهرت، وإذا أضيفت بعد ذلك إلى العطور، فلا تنجسها، وبالتالي فلا يتنجس الثوب المرشوش بهذه العطور.

هذا على مذهب بعض أهل العلم القائلين بطهارة العين النجسة إذا استحالت عن أصلها، وقد رجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال - كما في المستدرك على مجموع الفتاوى- : والصواب هو القول الأول، وأنه متى علم أن النجاسة قد استحالت فالماء طاهر، سواء كان قليلا أو كثيرا، وكذلك في المائعات كلها، وذلك أن الله تعالى أباح الطيبات وحرم الخبائث، والخبيث متميز عن الطيب بصفاته، فإذا كانت صفات الماء وغيره صفات الطيب دون الخبيث، وجب دخوله في الحلال دون الحرام. انتهى.

وقال أيضا في مجموع الفتاوى: وهذا القياس في الماء هو القياس في المائعات كلها، أنها لا تنجس إذا استحالت النجاسة فيها ولم يبق لها فيها أثر؛ فإنها حينئذ من الطيبات لا من الخبائث. انتهى.

وهذا هو مذهب ابن القيم أيضا حيث قال في إعلام الموقعين: ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودا وعدما، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة، والدم، ولحم الخنزير، والخمر لا تتناول الزروع والثمار، والرماد، والملح، والتراب، والخل لا لفظا ولا معنى، ولا نصا، ولا قياسا. انتهى.
وضابط معرفة استحالة الكحول عن أصلها سبق بيانه في الفتوى رقم: 64509

وراجع تفاصيل الخلاف في هذه المسألة وذلك في الفتوى رقم: 6783

وبناء على ما سبق، فعلى القول بكون الكحول تطهر بمجرد معالجتها " بحيث صارت غير مسكرة " فإنها إذا خلطت وهي كذلك بالعطور، ورُشت على ثوب، فإنه لا يتنجس، كما لا يتنجس الثوب المذكور إذا كانت الكحول قد خلطت بالعطور قبل استحالتها لكنها استحالت عن أصلها بعد خلطها بالعطور ورش الثوب بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني