الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع الماء أو الزيت المستعمل للرقية ورقية المرأة غيرها وهي حائض

السؤال

ما حكم من يقرأ القرآن الكريم والرقية الشرعية على زيت أو ماء ثم يبيعه للناس للتداوي ويتاجر به، علما أنه ثقة ويحفظ القرآن؟ وهل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن والرقية الشرعية على زيت أو ماء لتداوي الآخرين وهي حائض؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من المعلوم أن أخذ الأجرة على الرقية الشرعية أمر مشروع عمله الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط! الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جّعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، فقال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقتسموا، واضربوا لي معكم سهماً.

قال ابن تيمية - رحمه الله: وأذن لهم في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية.

وقال البغوي في شرح السنة: في الحديث دليل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وجواز شرطه، وإليه ذهب عطاء والحكم، وبه قال مالك والشافعي، وأبو ثور، قال الحكم: ما سمعت فقيهاً يكرهه، وفيه دليل على جواز الرقية بالقرآن وبذكر الله وأخذ الأجرة عليه، لأن القراءة والفقه من الأفعال المباحة. انتهى.

وأما بيع ما قرئت عليه الرقية من ماء وزيت: فلا حرج فيه، إذ هو نوع دواء, وقد جاء في مطالب أولي النهى: سئل أحمد عن رجل ليس له صنعة سوى بيع التعاويذ فترى له أن يبيعها أو يسأل الناس؟ قال: يبيع التعاويذ أحب إلي من أن يسأل الناس. اهـ.

وأما عن رقية الحائض نفسها أو غيرها بالرقية الشرعية: فإنها تجوز اتفاقا إذا كانت ترقي بغير القرآن، وأما الرقية بالقرآن فهي كذلك على الراجح كما قدمنا في فتاوى سابقة من ترجيح إباحة قراءة القرآن للحائض، وهذا هو مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد في رواية عنه وقد رجحه شيخ الإسلام وابن القيم، واحتج الجمهور في المنع بقياس الحائض على الجنب وبحديث ضعيف روي في منعها من القراءة، ورد عليه بضعف الحديث وبمخالفة الحائض للجنب في كونها لا تقدر على رفع الحدث عنها حتى ينقطع الدم، ثم إن بعض الفقهاء ومنهم المالكية نصوا على أن الجنب تجوز له قراءة القرآن للتعوذ والرقية والاستدلال، كما نص عليه الحطاب وعليش في شرحيهما لمختصر خليل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني