الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين

السؤال

جزاكم الله كل الخير على موقعكم الرائع.
سؤالي هو: الله سبحانه وتعالى غير محدود، لا يحده الزمان ولا المكان، وهو خالق الزمان والمكان؛ لأن المحدود يحتاج من جعله على هذا الشكل، فالشمس محدودة، وهي تحتاج إلى من جعلها على هذا الحد، والله سبحانه وتعالى بلا نهاية ولا بداية، وهو يقول في كتابه العزيز: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
هذا كلام جميل، وهو يدل على أن الله هو الخالق الأوحد؛ لأن كل شيء محدود أما الله فغير محدود. لكن هناك سؤال هو: أين نوجد نحن؟ أرجوكم أن تجيبوني وأن لا تقولوا هذه مجرد وساوس وانتهى الأمر، ولا تحيلوني إلى فتوى أخرى.
هذا السؤال يراودني منذ سنوات. أرجوكم أنا مسلم، وأحب الله ورسوله، أرجوكم أن تجيبوني إجابة مفصلة.
معلومات إضافية: أنا مؤمن بكل أسماء الله وصفاته بدون تحريف، أو تكييف، أو تعطيل، مؤمن بأن الله فوق العرش بلا كيف، وأن الله لا تحده الحدود؛ لأنه هو خالق الحدود، وكل محدود فهذا دليل على أنه مخلوق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن البشر من بني آدم موجودون على الأرض التي امتن الله تعالى بها عليهم، وجعلها مستقرا لهم وذلولا، ومهادا يمشون في مناكبها، ويعمرونها بما تيسر من أنواع العمارة؛ فقد قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {البقرة:36}.

قال الطبري: مستقر فوق الأرض، ومستقر في الرحم، ومستقر تحت الأرض، يصير إلى الجنة أو النار. اهـ.

وقال ابن كثير: ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين، أي قرار وأرزاق، وآجال إلى حين، أي وقت ومقدار معين ثم تقوم القيامة. اهـ.
ويقول الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}. وقال تعالى مخبراً عن نبيه صالح أنه قال لقومه: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا [هود: 61].
قال ابن كثير رحمه الله: أي جعلكم عُمّاراً تعمرونها وتستغلونها. انتهى.

وكل ما سوى الله تعالى مخلوق، والله مستو على عرشه بائن من خلقه، وهو سبحانه فوقهم جميعا، لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه العقول والأفهام .

قال الإمام ابن بطة العكبري- رحمه الله- قال في كتابه الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية: "باب الإيمان بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بخلقه.

أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين، وجميع أهل العلم من المؤمنين، أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سمواته، بائن من خلقه، وعلمه محيط بجميع خلقه، ولا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية، وهم قوم زاغت قلوبهم واستهوتهم الشياطين، فمرقوا من الدين وقالوا : إن الله ذاته لا يخلو منه مكان. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني