الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمولة على توريد البضائع

السؤال

أنا مندوب مبيعات في شركة مستلزمات طبية نتعامل مع المستشفيات والأطباء، وهناك مشكلة عويصة تكاد تكون مع الكثير من العملاء فمثلا: مسؤول مشتريات في أحد المستشفيات التي تتعامل معنا يطلب الأطباء في هذه المستشفى أصنافا معينة لاستخدامها في العمليات فيكلفنا هذا الشخص ـ مسؤول المشتريات ـ بتوريد هذه الأشياء للمستشفي سواء وجدت عندنا في الشركة أو أصناف أخرى تشترى من السوق وقد تكون ماركة معينة من سلعة هي عندنا، ولكن لا يريدون ماركتنا، نورد هذه الأصناف مقابل عمولة أو نسبة من الأرباح لهذا المسؤول على كل صنف حسب الاتفاق والمفاوضة مع مسؤول المشتريات، فما رأيكم في هذه المعاملة مع وجود الاعتبارات الآتية
1ـ أنا مندوب مبيعات في الشركة الموردة آخذ مرتبا بالإضافة إلى نسبة مئوية على المبيعات.
2ـ مسؤول المبيعات هذا رجل كبير في السن في أواخر الخمسينات مثلا، وهو عم صاحب هذا المستشفى.
3ـ لا نعرف هل ابن أخيه ـ صاحب هذا المستشفى ـ يعلم بما يفعل أم لا؟.
4ـ ورثنا هذه المعاملة ممن سبقنا من مناديب المبيعات في شركتنا.
5ـ إن كانت حراما قد لا يوافق صاحب شركتنا على قطع المعاملة وقد يقول اتركه يعمل معنا ولا تأخذ أنت نسبتك في المبيعات طالما أنك تعتبرها حراما واتركها لي وسأستمر أنا شخصيا في التعامل مع الرجل وإرسال البضاعة.
6ـ هل يجب علينا إبلاغ ابن أخيه ـ صاحب المستشفي ـ بهذا الأمر مع احتمال أن لا يصدقنا أو أن يؤدي ذلك إلى قطيعة رحم بينهما؟.
7ـ ماذا نفعل فيما أخذناه من عمولات بسبب هذا الأمر على مدار سنوات عديدة فائتة، مع العلم أنني لا أملك مالا أستطيع أن أسدد به أي التزامات شرعية علي بسبب هذا الموضوع؟.
8ـ تتكرر معاملات مشابهة لذلك مع الكثير من مسؤولي المشتريات سواء في مستشفيات خاصة أو حكومية، وسواء أو مشتريات أو صرافي شيكات، وسواء كنا نورد تبعا لمناقصات أو بدون مناقصات وأحيانا تعدي على الشركات الأخرى التي قد تكون حصلت على حق التوريد بموجب مناقصة معينة، فنورد بدلا منها مقابل اتفاق على مبلغ من المال يأخذه مسؤول مشتريات مثلا في هذا المكان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبحسب ما اتضح لنا من السؤال يظهر أن مناط الإشكال عند السائل يدور حول أمور ثلاثة:

أولها: حكم معاملة مسؤول المشتريات في المستشفى مع ما يطلبه لنفسه من عمولة خاصة به، وذلك ينبني على مدى مشروعية طلبه لذلك، فإن كان يفعله دون إذن من جهة عمله، فلا يجوز التعامل معه فيه وبذل الرشوة له، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

وانظر الفتوى رقم: 101816.

وما طلبه منكم صاحب شركتكم من التعامل مع ذلك المسؤول على أية حال ولو كانت معاملته محرمة لا يجوز لكم ولا اعتبار لطلبه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعلى احتمال حرمة ما يفعله ذلك المسؤول فينصح بالكف أولا ويهدد بإخبار ابن أخيه أو من هو مسؤول عنه، فإن لم يكف عن ذلك فأخبروا ابن أخيه ولولم يصدقكم فقد فعلتم ما عليكم فعله.

وأما لو كان مسؤول المشتريات يطلب تلك العمولة ويفعل ما يفعل عن إذن من جهة عمله، فلا حرج في التعامل معه.

الأمر الثاني: مسألة توريدكم لما ليس عندكم من بضاعة بناء على رغبة مسؤول المشتريات وحتى لو كان عندكم لكن مسؤول المشتريات يريد استيراده من جهة أخرى مقابل عمولة تأخذونها عوضا عن ذلك: فهذا لا حرج فيه أيضا شريطة أن تكون جهة عملكم قد أذنت لكم في تلك المعاملة والاعتياض عنها، وإلا فيدخل ذلك في مسألة عمل الأجير الخاص عند غير مستأجره وقد بينا ما يترتب عليه في الفتوى رقم: 30058.

ولا يجوز التعدي على الشركات الأخرى التي حصلت على حق التوريد بموجب مناقصة معينة، فلا يجوز دفع رشوة لمسؤول المشتريات ليتم لكم ذلك.

الأمر الثالث: كون جهة عملكم قد تورد لمن رست عليه المناقصة مقابل عمولة: فهذا لا حرج فيه بشرط أن لا يشترط صاحب المشروع على من رست عليه المناقصة مباشرة العمل بنفسه، والظاهر عدم ذلك، وعليه، فلا حرج في المعاملة المذكورة ما لم تتضمن غشا أوخداعا ونحوه.

وأما كيفية التحلل مما أخذ بغير حق إن كان في المعاملات المذكورة شيء منه بناء على ماذكرناه: فيكون بالتحلل من صاحب الحق وطلب المسامحة منه، فإن لم يفعل ذلك وطالب بحقه فلا بد من رده إليه ولولم يكن المرء قادرا على ذلك فعليه إنظاره إلى حين ميسرة، وللمزيد حول التصرف في المال المكتسب من الحرام انظر الفتوى رقم: 138863.

وننبهك على أننا أجبنا السؤال بناء على ما فهمناه منه، وإن كان المقصود غيره فيرجى إيضاحه كي نجيب عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني