الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج من أصبح لا يبالى عندما يسمع عن عقوبة ترك الصلاة

السؤال

أنا تارك الصلاة ولا أعرف ماذا أفعل؟ والمشكلة الأكبر أنني أعرف عقوبة تارك الصلاة جيدا وأعرف ما سيحدث في القبر ووادي صقر وأن تارك الصلاة خالد مخلد في النار، ومع ذلك لا أبالي، وربما عندما أسمع هذا الكلام أخاف قليلا وأصلي مدة يومين أو ثلاثة ثم أعود كما كنت وأترك الصلاة، وهذا هو حالي، وفي كل يوم أقول غدا غدا، ولم أعد أبالي عندما أسمع عن عقوبة تارك الصلاة، أرجوكم ساعدوني لا أعرف ماذا أفعل؟ ولا في شيء ينفع معي!!.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وصل بك الخذلان يا هذا إلى حال يرثى لها ـ عياذا بالله، ثم عياذا به ـ فلو لم تتدارك نفسك بتوبة نصوح فإنك على خطر عظيم، فإن ذهاب استقباح المعصية من القلب وعدم الخوف من مواقعتها والندم على مقارفتها لمن أعظم عقوبات المعاصي، وهو نتيجة الانهماك فيها والاسترسال معها، يقول ابن القيم في بيان بعض آثار المعاصي: وَمِنْهَا: وَهُوَ مِنْ أَخْوَفِهَا عَلَى الْعَبْدِ أَنَّهَا تُضْعِفُ الْقَلْبَ عَنْ إِرَادَتِهِ، فَتُقَوِّي إِرَادَةَ الْمَعْصِيَةِ، وَتُضْعِفُ إِرَادَةَ التَّوْبَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، إِلَى أَنْ تَنْسَلِخَ مِنْ قَلْبِهِ إِرَادَةُ التَّوْبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَوْ مَاتَ نِصْفُهُ لَمَا تَابَ إِلَى اللَّهِ، فَيَأْتِي بِالِاسْتِغْفَارِ وَتَوْبَةِ الْكَذَّابِينَ بِاللِّسَانِ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ، وَقَلْبُهُ مَعْقُودٌ بِالْمَعْصِيَةِ، مُصِرٌّ عَلَيْهَا، عَازِمٌ عَلَى مُوَاقَعَتِهَا مَتَى أَمْكَنَهُ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَمْرَاضِ وَأَقْرَبِهَا إِلَى الْهَلَاكِ. انتهى.

فحذار حذار أن تكون قد انتهيت إلى هذه الحال يا عبد الله، فأفق وتدارك نفسك من قريب من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله، ولن يساعدك على التوبة غيرك، ولن يعينك سواك، فتفكر في الموت وأنه قريب من العبد وأن النفس قد يخرج ولا يعود، وتطرف العين ولا تطرف الأخرى إلا بين يدي الله عز وجل، وتفكر في الموقف بين يدي الله تعالى حين تعرض الكتب وتنصب الموازين وتتطاير صحف الأعمال فمن آخذ كتابه بيمينه فهو الموفق السعيد، ومن آخذ كتابه بشماله فهو المبعد الطريد، وتفكر في النار وأهوالها، وإذا كنت لا تستطيع أن تضع إصبعك على موقد مشتعل فكيف يكون صبرك على نار وقودها الناس والحجارة حيث تعتبر نار الدنيا إلى جنبها سوى جزء من سبعين جزءا؟ فاتق الله عبد الله وارجع إليه فإنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، وباب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد، فلو رجعت إلى ربك قبل توبتك أقال عثرتك مهما كان ذنبك عظيما، فاستعن بالله واجتهد في دعائه وسله أن يهديك، فإن الهدى بيده وحده، واصحب أهل الخير وجاهد نفسك مجاهدة صادقة على التوبة، وثق أنك لو صدقت الله تعالى لوفقك وأخذ بناصيتك إلى طريق الاستقامة والهداية، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.

نسأل الله أن يمن عليك بتوبة نصوح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني