الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منهج ابن عثيمين في الدراسة في المدارس المختلطة ومنهجنا

السؤال

قرأت فتوى لابن عثيمين يقول فيها بحرمة الدراسة في المدارس المختلطة بالنسبة للرجال.
أرجو منكم أن تعطوني أدلته على هذه المسألة، وأيضًا أدلتكم على قولكم بالجواز بالنسبة للرجال، مع التزام الضوابط الشرعية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فظاهر كلام الشيخ العثيمين -رحمه الله تعالى- أنه كان يرى تحريم التعليم المختلط عمومًا، ما لم تكن هنالك حاجة معتبرة إلى ذلك، فيباح.

جاء في فتاوى نور على الدرب: الذي أرى أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة، أن يدرس في مدارس مختلطة؛ وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته، ونزاهته، وأخلاقه، فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة، إذا كان إلى جنبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة، ولاسيما إذا كانت جميلة، ومتبرجة، لا يكاد يسلم من الفتنة والشر، وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام، ولا يجوز، حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة فيترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط.

ويقول في إباحته عند الحاجة: إن دعت الضرورة لذلك بأن لا يوجد جامعات، أو مدارس خالية من ذلك، فهنا قد تكون هناك ضرورة، وفي هذه الحال يجب على الطالب أن يبتعد عن الجلوس إلى امرأة، أو التحدث معها، أو تكرار النظر إليها، يعني بقدر ما يستطيع يبتعد عن الفتنة، فأما إذا كان يمكن أن يدرس في مدارس أخرى خالية من الاختلاط، أو بها نصف اختلاط بأن يكون النساء في جانب، والرجال في جانب آخر، وإن كان الدرس واحدا، فليتق الله ما استطاع. (حلية طالب العلم). اهـ.

وجاء أيضًا في فتاوى نور على الدرب: فعلى كل حال نقول: أيها الأخ يجب عليك أن تطلب مدرسةً ليس هذا وضعها، فإن لم تجد مدرسةً إلا بهذا الوضع وأنت محتاجٌ إلى الدراسة، فإنك تدرس، وتحرص بقدر ما تستطيع على البعد عن الفاحشة والفتنة، بحيث تغض بصرك، وتحفظ لسانك، ولا تتكلم مع النساء، ولا تمر إليهن. اهـ.

أما عن دليل الشيخ فيما ذهب إليه من هذا التحريم: فالنقول السابقة ظاهرة في أنه قال بالتحريم سدّا للذريعة، إذ رأى اجتماع الجنسين في الدراسة مما تعسر معه السلامة من وقوع الفتن.

أما نحن: فمنهجنا في الفتوى في هذه المسألة -في الغالب- قائم على ثلاثة محاور:

1 - التنبيه أولا إلى أن الاختلاط الغالب في الأماكن التعليمية اليوم منكر لا يقره الشرع؛ وراجع لذلك الفتوى: 2523، فعليها أحيل في جمهور الفتاوى في هذا المعنى.

2 - أن الاختلاط في التعليم إذا انضبط بضوابط الشرع، في أصل الحكم جائز، وقد ذكرنا دليل ذلك في الفتويين التاليتين: 178339، 173063.

ومما تقدم يمكن أن نقول: ليس بين فتوى الشيخ، ومنهجنا في الفتوى، تعارض، ووجه ذلك أن تحريم الاختلاط إذا لم ينضبط بضوابط الشرع معلوم، وإباحة اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد إذا اجتنبت المحارم معلومة كذلك، وإنما الخلاف في مناط الحكم أي محله، ومعنى ذلك أن الشيخ لم ير إمكان السلامة في مثل هذ الاختلاط، فقال بالتحريم في غير ضرورة.

أما الفتوى عندنا فقامت على أصل الحكم وهو الجواز على فرض السلامة من وقوع الفتنة، وإن بينا في أكثر من فتوى عسر السلامة في ذلك، ونصحنا بالبعد عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني