الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل على من أراد إيصال حق لصاحبه ففزع منه ومرض وتغيب عن العمل ضمان

السؤال

تقول السائلة: ذهبت إلى حمام، وبعد ‏انتهائي انصرفت لأني لم أعرفها من ‏قبل، وقالت لي امرأة أخرى إن تلك ‏التي تسألين عنها تعمل في حمام ‏آخر، فذهبت إليها لكن في ذمتي ‏بعض النقود لم أعطها لامرأة كانت ‏تعمل فيه، وبعد مدة أكثر من عام ‏رجعت إليها. لكن المشكل هو أني لم ‏أتذكرها، لم أعرف هل هي بالضبط. ‏المهم أعطيتها تلك النقود وانصرفت، ‏لكني رجعت إليها يوما بالليل وكنت ‏أنتظرها لأسألها هل هي المعنية ‏بالأمر حتى أطمئن، لكن لما سألتها و كان معي أخي خافت منا، وذهبت ‏إلى منزلها خائفة، وقالت لزوجها ‏إنهم يريدون اختطافي وأشياء أخرى، ‏ومرضت، ولم تذهب إلى عملها ‏بضعة أيام، وأنا لم أنو إلا أن أسألها، ‏وأضيف لها شيئا من النقود حتى ‏أحس أني أبرأت ذمتي.‏
‏ سؤالي:
1) هل أنا آثمة لما تسببت لها ‏في هذا الخوف، وهذا المرض. هل ‏ظلمتها وهل أنا مذنبة يا شيخ وماذا ‏أفعل تجاهها؟
‏ 2) هل علي إعطاؤها مبلغ تلك ‏الأيام التي لم تعملها بسببي؟
‏ 3) وماذا علي بالنسبة لهذه النقود إن ‏لم تكن هي تلك المرأة؟
‏ 4) وفي مثل هذه الأمور التي ‏يصعب إيجاد صاحب المال ولو كان ‏قليلا. ماذا أفعل حتى أبرئ ذمتي منه؟
‏سؤال آخر: ‏
‏ 5) تأتيني كثرة الأفكار بالنذر في ‏نفسي بدون قصد ولا أريده، ويأتيني ‏في بعض الأحيان في الصلاة، ‏ويأتيني عندما أسمع من يتحدث عنه. ‏ولم أعرف هل تحرك به لساني أم لا ‏فهل علي الوفاء به؟ ‏
‏6) وإذا كان النذر في شيء شاق ‏أقول: علي كفارة، وأحس بشيء من ‏الحركة في فمي. فهل وجبت؟
‏ 7) يأتيني التفكير في النذر بغير ‏قصد، وبعد ذلك كنت أفكر فيه وأقول ‏في نفسي أن أفعل كذا وكذا، وأحس أن ‏لساني تحرك به، فقنطت لأني ‏فكرت، وأخاف أن يكون وجب علي ‏الآن. ويأتيني الفكر في أمور شاقة لا ‏أستطيع القيام بها. فماذا علي؟
‏ 8) وفي بعض الأحيان عندما أطلب ‏شخصا لمساعدتي في أمر ما، أو ‏عندما أسأله عن شيء، فيجيبني، ‏تأتيني أفكار أن أعطيه مقابلا من ‏المال أو غيره. فهل وجب علي ذلك ‏بمجرد التفكير فيه، علما أن ما يأتيني ‏من أفكار لا أستطيع القيام به حتى ‏وإن استطعت. فهل وجب علي؟
‏ 9) أو عندما أعطي شخصا أمانة ‏لشخص آخر، تأتيني أفكار أن أعطيه ‏هو الآخر مقابل ذلك ولم أعرف هل ‏تحرك به لساني أم لا؟ والمشكل أن ‏ما يأتيني من الأفكار في بعض ‏الأحيان لا أقدر على فعله. فماذا ‏علي؟ ‏
‏10) أمر آخر: إذا كان علي دين ولم ‏أتذكر قيمته، يأتيني الفكر أن أعطي ‏صاحب الدين أكثر منه للاحتياط. ‏وإذا أعطيته أقل مما نويته. فهل علي ‏شيء أم يلزمني إعطاءه ما نويته ‏حتى ولو تحرك به لساني؟
‏11) وعندما أتلفظ بشيء مثل أعطي ‏فلانا كذا، أو أعرض على فلان لغذاء ‏أو عشاء ولم أفعله. فهل علي شيء؟
‏‏12) وتأتيني أفكار تارة بأن النقود ‏حرام، وتارة في الطعام بأنه حرام أو ‏أمور أخرى. وتأتيني أفكار بأنه لا ‏يجوز أن أشتري بها شيئا لأنها حرام، ‏ثم أحاول ألا ألتفت إلى هذه الأفكار، ‏فيأتيني ضيق شديد وقلق، وأقنط. ‏فماذا أفعل؟
‏ 13) أخاف أن تأتيني أفكار كهذه في ‏أمور أخرى. فهل إذا أتتني هل لها ‏نفس الحكم أم إن حكمها في النقود ‏ليس كحكمها في أمور أخرى؟
‏ 14) وتأتيني أفكار في نفسي أن ‏أعطي شيئا من المال للمسجد. فهل ‏وجب علي سواء كان هذا المسجد ‏جاهزا كاملا أو لا يزال يبنى؟ ‏وسؤال آخر هو: أني إذا أردت فعل ‏شيء من المعروف لشخص ما ولو ‏كان أخي، أو أختي كأن أعطيه شيئا، ‏تأتيني أفكار أني إن فعلت له ذلك ‏فسيصيبه كذا أو كذا، وأتجاهل هذا ‏في أول الأمر لكن إن أصابه ذلك ‏حقيقة فإني أقنط، وأخاف أن يكون ما ‏أصابه هو فعلا بسببي.‏
‏ فما حكم هذا ؟
‏ وللإشارة فقد كانت تأتيني هذه ‏الأفكار من قبل وأمتنع على فعل هذا ‏المعروف. وعندما أزور مريضا ‏تأتيني أفكار إن زرته فسيموت، وإن ‏مات فإني أقنط، وأخاف أن يكون قد ‏مات بسبب زيارتي له. فما حكم هذا ‏بارك الله فيكم؟
شيخي وأبي إن هذه السائلة أختي ‏وهي حقا أتعبتني بمثل هذه الأسئلة ‏الوسواسية، وهي لا تقتنع بكلامي ‏ونصائحي، ودائما أقول لها ما يأتيك ‏وسواس وجب عليك تجاهله، لكنها لا ‏تسمعني حتى أغضب وأضجر. ‏وتقول لي أنت لم تحفظي القرآن و‏التفسير والحديث. فكيف أقتنع بك !! ‏وأكثر من ذلك لا تقتنع بعلماء وفقهاء ‏البلد، وتقول لي لا أقتنع إلا بكلامكم ‏أنتم، فأنتم العلماء الموثوق فيهم، فأنا ‏يضيق صدري ولا أتحمل ‏سماعها في هذه الأمور حتى أراها ‏تبكي، وتحزن وتضيق فأضطر إلى ‏فعل ما تقوله. ودائما تقول لي اكتبي ‏إلى العلماء، وأنا حقا أستحيي منكم ‏وأن أطيل عليكم في مثل هذه الأمور ‏السخيفة، وهي تأخذ الدواء الآن، لكنها ‏تقول دوائي هو العلماء.
فما توجيهكم ‏لي ولها وهي تطلب الإجابة على كل ‏سؤال، فإن غفلتم سؤالا فستأتيها ‏أفكار أخرى.
فالمرجو الإجابة على ‏كل شيء بارك الله فيكم على سعة ‏الصدر. وجزاكم الله الفردوس الأعلى ‏تحت عرش الرحمن وبارك فيكم.
‏وأعتذر عن كتابة أكثر من سؤال.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شيء على هذه المرأة فيما حصل للمرأة من الفزع، وما ترتب عليه من مرضها وغيابها عن العمل؛ لأن ما فعلته السائلة ليس فيه عدوان على المرأة، وإنما قصدت إيصال الحق إليها.

قال المواق المالكي -رحمه الله-: أما لو فعل ذلك لا لقصد إهلاك، فإن كان فيما لا يجوز له، ضمن الدية والقيمة، وإن كان يجوز فإن قصد ضررا ولو كسارق، ضمنه وغيره، وإلا فلا ضمان.

وأما بخصوص المال المستحق لتلك المرأة أو غيرها، فالأصل أن يسعى من عليه حق لإيصاله إلى صاحبه، فإذا لم يتمكن من الوصول إليه فإنه يتصدق به عنه؛ وانظري الفتوى رقم: 199295
واعلمي أن النذر لا ينعقد بمجرد النية من غير تلفظ بما فيه إلزام، كما بيناه في الفتوى رقم: 205681
ولا تجب الصدقة –أو غيرها من أعمال البر المندوبة- بمجرد النية.

والواجب على السائلة أن تعرض عن الوساوس ولا تلتفت إليها، فالوسوسة لا تفيد فيها الفتوى، ولا الاسترسال مع صاحبها في وساوسه وأوهامه، ولا التجاوب معه في خواطره، بل إن ذلك قد يضره أكثر مما ينفعه، فتفتح له أبواب الإشكالات، وتتوارد عليه الأوهام أكثر فأكثر، كلما أجيب في مسألة خطرت بباله مسألة أخرى وهكذا؛ ولذلك لم يذكر أهل العلم لها من دواء سوى الإعراض عنها وعدم الإلتفات إليها.

وللفائدة في ما يعين على التخلص من الوساوس راجعي الفتاوى أرقام: 39653 ، 103404، 97944، 3086، 51601 وننصح السائلة بمراجعة قسم الاستشارات النفسية بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني