الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبول خبر الثقة من غير تثبت

السؤال

جزاكم الله كل خيرٍ شيخنا: حقيقةً كلما يعرض لي تساؤل لا يشفيه إلا إجابتكم بما يسره الله سبحانه وتعالى لكم ـ فالحمد لله أولاً وآخراً: أنا شاب في مقتبل العمر أدرس في بلدٍ أوروبي لعلم نافع قل وجوده في بلادنا، وإن وجد فليس بالكفاءة المطلوبة، وقد أضحى أمر الزواج وإعفاف النفس شاغلاً لبالي لما تعلمون من فتنٍ في هذه البلاد ـ أسأل الله أن يجيرني وكل شاب مسلم منها ـ ولتواجدي في بلدٍ أجهل أهله ويجهلونني عادة، ولجهلي بما حباه الشارع لأمر الخطبة والزواج من آداب أعتز بها وأحمد الله أن هداني إليها فإني قد تسرعت في خطبة فتاة من بلادنا وتسرعت أمي أيضا بعدم التمحيص في أمر الفتاة، وبعد الخطبة التي لم أكن حاضراً فيها بقرابة الأسبوع جاءني خبرٌ من والدتي رعاها ربي بعد تثبتها من الخبر من أناسٍ ثقاتٍ راشدين على صلةٍ قريبة من هذه البنت أن الفتاة على علاقة بولد منذ سنين وقد كانت تلتقي به في أماكن بعيدة عن الحظر تعتبر في عرفنا مشبوهةً وأنها لا تزال على علاقة سرية به بعد منع والديها لها من الارتباط به حيث كان أيضاً يلتقي بها في الجامعة التي تدرس فيها والله أعلم إن كانت هذه العلاقة متواصلة خلال فترة خطوبتي القصيرة، وبعد علمي بالأمر اتصلت بها وأخبرتها بعلمي بما سبق ذكره فأقرت بشيءٍ وأنكرت شيئاً وادعيت أنه قد أرسل لي صورة لهما على شاطئ البحر وهما في خلوة ـ الأمر الذي بلغني من إحدى الثقات ـ فأنكرت وأقسمت أن هذا من الكذب والإفتراء وأن العلاقة قد انتهت وكانت في فترة طيشٍ من الصغارـ مع أن العلاقة بدأت في سن 17 تقريبا، فلو كانا صغيرين لما كانا مكلفين بأداء أجل العبادات وهي الصلاة والصوم ـ فأخبرتها أنني سأنهي الخطوبة وأن السبب سيبقى بيني وبينها ووالدتي وجدتها، خوفاً عليها لا على نفسي من أن تشوه سمعتها في البلاد وأن تتعرض للإيذاء من والديها، وما راعني هو أنها قد نشرت الخبر بنفسها بدءًا من أقاربها إلى من حولها حتى شاع الأمر، ومع الوقت وفي مساع من أهلها لإصلاح الأمر بدأ شيئاً فشيئاً يتقرر عندي ما بلغني عنها ليس من أحدٍ، بل منها ومن أهلها، وآسف شيخنا على الإطالة، أردت التفصيل حتى لا أظلمها ولا أظلم نفسي ـ والله أسأل أن يغفر لي إن نقصت من الكلام شيئاً، وسؤالي هو: إن الحادثة قد مر عليها زمنٌ ليس بالقليل وأريد أن أعرف هل أنا مخطئٌ في ما فعلت في نظر الشرع؟ وهل ما صدر مني يعتبر قذفا للمحصنات الغافلات؟ وإن كان الحق علي، فما كفارته؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قرر الشرع قاعدة مهمة وهي وجوب التثبت في خبر الفاسق، ودليلها قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.

وهذه الآية تعني بمفهومها قبول خبر الثقة من غير تثبت فيه، قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني في الأنوار الكاشفة: فبين سبحانه أن خبر الفاسق مناف لخبر العدل، فمن حق خبر العادل أن يُصدَّق كما صرحت به الآية الأولى، ومن حق خبر الفاسق أن يبحث عنه حتى يتبين أمره. اهـ.

فإذا كان ما نسب إلى هذه الفتاة قد بلغك عن طريق الثقات فلم تخطئ في اتصالك عليها وإخبارها بما بلغك عنها، ولكن ادعاؤك أنه قد أرسل إليك صورة لهما على شاطئ البحر وهما في خلوة، والحال أنه لم يرسل إليك صورة، يعتبر من الكذب، فالواجب عليك التوبة منه، وما ذكرته عن هذه الفتاة ليس من باب قذف المحصنات الذي ورد النهي عنه، فالمقصود به رمي المسلمة العفيفة بالزنا تصريحا أو تلميحا، وراجع فيه الفتويين رقم: 48357، ورقم: 29732.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني