الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنُّ المذموم والمنُّ المباح

السؤال

هل يحق للأب أن يمن على ابنه بالمصروف الذي يعطيه الأب للابن والابن ما زال في مرحلة الدراسة أم لا يحق له؟ لأن مصروف الابن في هذه المرحلة واجب على الأب كما يجب على الابن البرّ بوالديه علما أن الأب حالته المادية جيدة جدا.وشكراً لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن نفقة الابن على أبيه قد تكون واجبة عليه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 295.
فإن كانت واجبة عليه، فلا وجه لمنِّه، لأنه يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه، وهو هنا بمثابة من يمن على الفقراء بأنه أخرج لهم الزكاة الواجبة عليه.
أما إن كانت نفقة الولد غير واجبة على والده، وأنفق عليه أبوه تفضلاً وإحساناً منه، فلا ريب أنه مأجور على ذلك إن قصد به وجه الله والدار الآخرة، لكن بشرط أن لا يمنّ، لأن المنّ معصية تحبط ثواب الصدقة.
قال النووي في المجموع: ويستحب دفع الصدقة بطيب نفس وبشاشة، ويحرم المن بها، فلو منَّ بطل ثوابه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) [البقرة:264].
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" رواه مسلم انتهى.
وقد نص العلماء -كالحنابلة- على أن المنّ من كبائر الذنوب، لكن الواهب إن عامله من أحسن إليه بالإساءة فلا يحرم عليه المنّ حينئذ.
قال ابن حزم: ولا يحل لأحد أن يمنّ بما فعل من خير إلا من كثر إحسانه وعومل بالمساءة، فله أن يعدد حسناته. انتهى
واستدل بقصة قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم في حنين عندما أخذ الأنصار في أنفسهم، فخطبهم صلى الله عليه وسلم قائلاً، كما في الصحيحين: "يا معشر الأنصار: ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله، ويقولون: الله ورسوله أمن، فقال: ألا تجيبوني، فقالوا: الله ورسوله أمن، فقال: أما إنكم لو شئتم أن تقولوا كذا، وكان من الأمر كذا وكذا لأشياء عددها".
والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني