الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجالس في المسجد إن قام للوضوء ثم رجع فهو أحق بمجلسه

السؤال

سؤالي عن انتقاض الوضوء أثناء صلاة الجمعة. وحيث إنني أرغب في الحصول على الأجر الكامل المذكور في حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: " مَنْ غَسَلَ، وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا، وَابْتَكَرَ، وَدَنَا، وَأَنْصَتَ، وَاسْتَمَعَ. غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا "
وعلى ضوء الحديث الشريف، فإنني أذهب للمسجد مبكرا قبل بدء الخطبة بساعة تقريبا، وأجتهد في الحصول على مكان في الصف الأول. المشكلة تكمن في أنني أجد صعوبة في المحافظة على الوضوء؛ حيث إنني طويل القامة إذ طولي يبلغ ال 182 سم. وأحاول جاهدا أن لا أتحرك في جلستي كثيرا خشية انتقاض الوضوء، ولربما تيبست أقدامي بعض الأحيان من الجلوس على هيئة واحدة لمدة طويلة، وبعض الأحيان أوسوس هل انتقض وضوئي أم لا عند تغيير الجلسة، وآخذ بالرأي القائل بأن الوضوء لا ينتقض إلا باليقين. وحيث إنني ولله الحمد غير مصاب بأي داء معدي، أو معوي، ومع ذلك أجد صعوبة في الحفاظ على الوضوء لمدة ساعة ونصف متواصلة، على الرغم من دخولي دورة المياه في المنزل قبل الاغتسال.
سؤالي هو: ماذا علي أن أفعل لو انتقض الوضوء فجأة مني بغير حول مني ولا قوة؟ فأنا محتار هل أنا من أصحاب الأعذار أم لا؟ وفي الوقت نفسه أخشى ضياع أجر صلاة الجمعة، أو نقصانه؛ حيث إنني أكون في الصف الأول، وأكون قريبا من الإمام، ولو ذهبت لأتوضأ وعدت، فسأجد أن مكاني قد أخذ، وسيكون المسجد يقينا قد امتلأ. وعليه لا أستطيع أن أتخطى الرقاب والعودة لمكاني، ولن يكون بمقدوري إلا الصلاة في آخر المسجد، أو في آخر صف تكون به فرجة.
أجيبوني جزاكم الله خيرا، وأسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا تيقنت من انتقاض وضوئك، فالواجب عليك الوضوء، ثم الأفضل لك بعد أن تتوضأ، أن ترجع إلى مكانك إن أمكنك ذلك. قال ابن قدامة في المغني: إذَا جَلَسَ فِي مَكَان, ثُمَّ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ, أَوْ احْتَاجَ إلَى الْوُضُوءِ, فَلَهُ الْخُرُوجُ . { قَالَ عُقْبَةُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ, فَسَلَّمَ, ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا, فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إلَى حُجَرِ بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي, فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ }. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَإِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ, ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: { مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ, ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ, فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ }. انتهى.

فإن لم يمكنك الرجوع إلى مكانك بسبب كثرة الزحام، فصل حيث تيسر لك ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فمتى اتقيت الله ما استطعت فقد حصل لك أجر ما بذلت وسعك في تحصيله، ويحصل لك أجر الصف الأول، والتبكير، بالنية الصادقة، فعَنْ أَنَسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلاَ وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ رواه البخاري. قال الحافظ في الفتح: وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِل إِذا مَنعه الْعذر عَن الْعَمَل. انتهى.

ولا تخرج من الخطبة، أو الصلاة إلا إذا تيقنت يقينا جازما تستطيع أن تحلف عليه أنه قد خرج منك شيء، وإياك ووساوس الشيطان في طهارتك وصلاتك، وفي أمورك كلها. وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 178277، 152433.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني