الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ضمان العارية إذا ضاعت من المستعير وأخذ عوض عنها

السؤال

قبل 3 سنوات أعرت صديقا لي في الدراسة ملفا يحتوي الكثير من الدروس والملخصات ليستفيد منه ثم يرده إلي، وكنت في أمس الحاجة إليه، وعندما طلبته منه قال إنه قد أضاعه، ثم بالإلحاح عليه أن يبحث عنه دون جدوى، وأنا أعرفه جيدا فهو شخص مهمل جدا، وقد يسرقه لأنه تارك للصلاة وغيرها، كنت قد استعرت منه قبل ذلك 3 كتب إسلامية، فقررت أن لا أرجعها إليه، وذلك للثأر وردا للاعتبار، ولكنني لم أرتح داخليا، والكتب مازالت عندي وما زلت ألتقي به أحيانا، مع العلم أنه لم يطلبها مني إلا مرة واحدة ثم تركها لي ونسي الأمر، فماذا علي أن أفعل الآن.؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن وجوب ضمان العارية إذا تلفت أو ضاعت وهي في يد المستعير مختلف فيه بين أهل العلم، فروي عن ابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ وهو مذهب أحمد والشافعي وإسحاق وعطاء وجوب ضمانها على المستعير، سواء أتعدى في الاستعمال والحفظ، أم لم يتعد فيهما، وذهب الثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي، وهو قول الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز إلى أنه لا يجب ضمانها إلا بالتعدي، والراجح ـ والله أعلم ـ هو المذهب الأول لما رواه أبو داود عن صفوان بن أمية: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً يوم حنين، فقال أغصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة.
ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.

ولأنه كما قال ابن قدامة: أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفرداً بنفعه من غير استحقاق ولا إذن في الإتلاف، فكان مضموناً كالغصب والمأخوذ على وجه السوم. اهـ

وعليه، فالملف الذي أعرته لصاحبك وادعى ضياعه إن كانت له قيمة معتبرة، فلا حرج عليك أن تطلب من صاحبك قيمته، ويلزمه ذلك، أو يجعل الكتب عوضا عنه لو تراضيتما عليه، وليس لك أن تمسك كتبه عندك بدون رضاه بسبب ما ذكرت، لحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. وراه أحمد وأبو داود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني