الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ضرب الأم ابنتها لتركها التداوي

السؤال

ما حكم ضرب بنت العشرين بسبب المصلحة. الضرب من الأم للبنت بسبب العلاج؛ لأنها لم تستجب للعلاج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن العلماء مختلفون في حكم ضرب الوالد لابنه البالغ، فذهب بعضهم إلى الترخيص فيه، وذهب آخرون إلى المنع منه، كما بيناه في الفتويين: 143235 179349

لكن حتى على القول بجواز ضرب الابن البالغ، فليس للأم ضرب ابنتها على عدم استجابتها للعلاج، إلا إن كان ترك البنت للعلاج سيؤدي إلى هلاكها؛ وذلك لأن التدواي غير واجب عند عامة العلماء، إلا إن عُلم حصول الهلاك بتركه.

قال ابن تيمية: وأما التداوي فليس بواجب عند جماهير الأئمة. وإنما أوجبه طائفة قليلة، كما قاله بعض أصحاب الشافعي، وأحمد. وقال: فإن الناس قد تنازعوا في التداوي: هل هو مباح أو مستحب أو واجب؟ والتحقيق أن منه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، وقد يكون منه ما هو واجب، وهو ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة؛ فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء .اهـ.

وقال: والتداوي غير واجب، ومن نازع فيه خصمته السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الصبر على البلاء، ودخول الجنة، وبين الدعاء بالعافية. فاختارت البلاء والجنة. ولو كان رفع المرض واجبا لم يكن للتخيير موضع كدفع الجوع. وفي دعائه لأبي بالحمى، وفي اختياره الحمى لأهل قباء، وفي دعائه بفناء أمته بالطعن والطاعون، وفي نهيه عن الفرار من الطاعون. وخصمه حال أنبياء الله المبتلين الصابرين على البلاء حين لم يتعاطوا الأسباب الدافعة له: مثل أيوب عليه السلام وغيره. وخصمه حال السلف الصالح؛ فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين قالوا له: ألا ندعو لك الطبيب؟ قال: قد رآني. قالوا: فما قال لك؟ قال: إني فعال لما أريد. ومثل هذا ونحوه يروى عن الربيع بن خثيم المخبت المنيب الذي هو أفضل الكوفيين أو كأفضلهم، وعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الهادي المهدي، وخلق كثير لا يحصون عددا. ولست أعلم سالفا أوجب التداوي وإنما كان كثير من أهل الفضل والمعرفة يفضل تركه تفضلا واختيارا لما اختار الله ورضى به، وتسليما له. وهذا المنصوص عن أحمد، وإن كان من أصحابه من يوجبه، ومنهم من يستحبه ويرجحه. اهـ. من مجوع الفتاوى .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني