الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية طهارة المبتلاة بكثرة الإفرازات

السؤال

أنا امرأة متزوجة, ولدي مشكلة في الطهارة ما تزال تلازمني منذ أن كان عمري أحد عشر عامًا, ولم أعرف لها علاجًا ولا فتوى بينة, فأرجو الرد على حالتي دون إلجائي لمسائل مشابهة؛ لأنها تكاد توصلني لحد الوسواس وترك ما اعتدت عليه من عبادات ونوافل وغيرها, فأنا يخرج مني سائل أبيض مائل للصفرة, أحيانًا أشعر به ويكون غزيرًا, وأحيانًا لا أشعر به, وأجده على ملابسي, وأحيانًا ينزل أثناء الصلاة, وأحيانًا قليلة جدًّا ينقطع لساعات, وذلك دون شهوة أو تفكير, وإن كنت مرتاحة, لكنه يزيد عند التعب, وهو من الرحم وليس من المثانة, وفي التحرز منه مشقة, وقد أضطر لإعادة الوضوء وإعادة الصلاة, وفي التراويح أشعر بخروجه, فأدخل لإعادة وضوئي لظني أنه خرج فأجد قطرة صغيرة, أو لا أجد, ويكون ما زال داخل جسمي, ولكني أشعر به, أو يكون مجرد وسواس, وذهبت للعمرة ولازمني ذلك, ولا أعرف عندما أشعر بذلك الشعور هل أقطع الطواف وأعيده من الأول فأنا لا أضمن عدم نزوله إلى الشوط السابع, وعندما يؤذن للصلاة وأنا في الطواف فهل أصلي وأكمل الطواف أم أعيد الوضوء وأعيد الطواف على فرض أني أخذت بحكم أن أتطهر عند دخول الوقت وأصلي وأتعبد ما أشاء بوضوئي, وهكذا قضيت عمرتي أتخبط ولا أشعر بلذة العبادات, وأخاف من عدم قبول صلاتي وطوافي, وأن أكسب إثمًا أيضا لعدم طهارتي. أرجو الرد عن أسئلتي بالتفصيل, خصوصًا أني أنوي القيام بالحج - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فاعلمي أن مجرد الشعور بخروج ذلك السائل من غير يقين بخروجه لا عبرة به, ولا ينتقض الوضوء إلا بخروجه حقيقة يقينًا لا شكًا ووسوسة؛ إذ الأصل بقاء الطهارة وعدم نقضها, والذي يظهر لنا أن السائل المذكور هو ما يعرف عند العلماء برطوبة فرج المرأة, وقد بينا في عدة فتاوى سابقة أنه طاهر على الصحيح من أقوال الفقهاء, فلا يلزم غسله, وأنه أيضًا ناقض للوضوء.

ثم إذا كنت تعانين من كثرة خروجه: فإنك تأخذين حكم صاحب السلس, وعبادتك صحيحة - إن شاء الله تعالى - ولا تقلقي, فالله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها, وقد بنى شريعته على التيسير, ورفع الحرج لا على العنت والمشقة, كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 6}, وكما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {سورة الحج: 78}.

واهتمامك بالعبادة وخوفك من عدم القبول دليل على إيمانك - إن شاء الله تعالى - وقد أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات, ويخافون أن لا يُتقبل منهم, فقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون: 60}.

وإذا أذن المؤذن وأنت في الطواف فإنك تخرجين للوضوء؛ لأن صاحب السلس يلزمه الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها, فإذا توضأت فعودي إلى الطواف وأكمليه من الشوط الذي توقفت فيه, إلا إذا طال الفصل فإن الأفضل أن تعيديه من الشوط الأول, وانظري الفتوى رقم: 138531.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني