الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال إذا حنثت فعلي كفارة يمين عن كل خطوة للحرام ثم حنث فما حكمه

السؤال

مثلا حلفت أن لا أدخل الغرفة، ثم حدث جدال داخلي كي أدخل الغرفة بحجة معينة من دون كفارة، فدخلتها.
هل سيتجاوزها ربي أم سوف يحكم فيها يوم القيامة؟
والسؤال الآخر: مثلا حلفت أن لا أذهب إلى أماكن محرمة، وقلت: إذا حنثت علي كفارة يمين على كل خطوة إلى الحرام.
فكم كفارة علي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من حلف بالله على أن لا يفعل أمراً ثم فعله، فقد حنث في يمينه، ولزمته كفارة يمين؛ وانظر الفتوى رقم: 2654 ولذلك فإذا كنت قد حلفت بالله تعالى، أو بصفة من صفاته، أو بالقرآن الكريم على أنك لا تدخل الغرفة، ثم دخلتها غير مكره، فعليك الكفارة المذكورة في الفتوى المشار إليها. ولا إثم عليك في الحنث، لكن تلزمك الكفارة، وتأثم بترك إخراجها.
وأما حلفك على ألا تذهب إلى الأماكن المحرمة؛ فإن ترك الذهاب إليها واجب بأصل الشرع ولا يحتاج إلى الحلف عليه، فلا يجوز لك أن تحنث في حلفك؛ لأن الذهاب إلى الحرام حرام.

وإذا ذهبت إلى الأماكن المحرمة فقد حنثت في يمينك، وبذلك تلزمك كفارة يمين.

وأما عما يلزمك في قولك : (إذا حنثت علي كفارة يمين على كل خطوة إلى الحرام ) فإن هذا يعتبر من نذر اللجاج، وهو الذي يريد به صاحبه أن يمنع نفسه من فعل شيء معين، أو أن يحثها على فعله، وهذا النذر لا يلزم الوفاء به، وإنما يخير صاحبه بين الوفاء به، وبين أن يكفر عنه كفارة يمين إذا وقع ما علق عليه، عند أكثر أهل العلم، وحمل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم.
قال الخطيب الشربيني- رحمه الله- في مغني المحتاج: النذر ضربان أحدهما: نذر لجاج وهو التمادي في الخصومة، سمي بذلك لوقوعه حال الغضب، ويقال له يمين اللجاج، والغضب، ويمين الغلق، ونذر الغَلَق بفتح الغين واللام، والمراد به ما خرج مخرج اليمين بأن يقصد الناذر منع نفسه أو غيرها من شيء، أو يحث عليه، أو يحقق خبراً أو غضباً بالتزام قربة كإن كلمته أي زيداً مثلاً، أو إن لم أكلمه، أو إن لم يكن الأمر كما قلته فلله عليَّ، أو فعلي عتق أو صوم أو نحوه كصدقة، وحج، وصلاة، وفيه عند وجود المعلق عليه كفارة يمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم. اهـ.
وقال ابن قدامة: وجملته أنه إذا أخرج النذر مخرج اليمين بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئا، أو يحث به على شيء مثل أن يقول إن كلمت زيدا فلله علي الحج أو صدقة مالي، أو صوم سنة. فهذا يمين حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث فيتخير بين فعل المنذور وبين كفارة يمين، ويسمى نذر اللجاج والغضب ولا يتعين عليه الوفاء به. اهـ.

وأما قولك: فكم كفارة علي؟ فإن عليك كفارة واحدة بدخول الغرفة، وواحدة أخرى بمجرد الذهاب إلى أماكن الحرام.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني