الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود طاعة الوالدين في أمر الزواج

السؤال

لماذا يفرض الإسلام على الابن رضا والديه عن الزوجة ؟
لا أجد أي سبب منطقي في أن يفرض الإسلام على الابن رضا والديه عن الزوجة, فأيهما سيتزوج الابن أم والداه ؟
إذا كان الابن هو الذي سيتزوج، وسيعول أسرته فليختر زوجة مناسبة لشخصه، وقدراته بحيث يسهل التوافق بينهم, لا زوجة يختارها له والداه، ثم يطلقها بعد شهرين من الزواج.
صحيح يوجد بعض الأبناء غير مسؤولين, ويوجد من الآباء من هم أكثر حكمة ورجاحة عقلا, ولكنها ليست قاعدة ثابتة.
هل الآباء الذين شردوا أولادهم في الشوارع أو في المستشفيات بسبب معاملتهم غير المسؤولة لهم يحق لهم أن يتحكموا في جميع شؤون أولادهم ؟! هذا غير منطقي. ليس في الزواج فحسب، بل عقلية الآباء تختلف أحيانا عن عقلية أبنائهم, فأنا والدي رجل تقليدي يحب أن يسير على الروتين البشري: بيت، وعمل, أما أنا فلا يعجبني هذا الروتين, أحب أن أعمل، وأحب أن أساعد الآخرين، وأحب أن أتعلم المزيد وهو ما لا يهواه والدي ويعترض على أفعالي دائما.
فلم يجعلني الإسلام ملزما بهذه الحياة الروتينية المملة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحقيقة أن إشكال السائل ليس في مجرد حكم طاعة الوالدين في أمر الزواج أو الطلاق، فقد ظهر لنا من أسئلته السابقة ـ كالفتويين: 212317، 212323 ـ أن إشكاله في موضوع الوالدين بصفة عامة وعلاقتهما بولدهما. وجواب هذا الإشكال يتيسر بملاحظة أن الإسلام وشريعته قد أعطت لكل ذي حق حقه، فأقامت بذلك العدل، ومن تمام ذلك أنها فاوتت بين هذه الحقوق ولم تسو بينها، باعتبار تفاوت الرتبة أو القرابة أو المصلحة أو الاستحقاق، حتى فاوتت بين الوالدين نفسيهما، فجعلت حق الأم أعظم من حق الأب ! ومن جملة ذلك ما قررته حقا للأبناء على آبائهم، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتويين: 190121، 23307. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 94894، 114988.
ومن جملة الحقوق الثابتة للأبناء: حقهم الشرعي في اختيار شريك الحياة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 19220.

ولا يلزم الابن طاعة والديه في الزواج من امرأة لا يريدها، كما لا يلزمه تطليق زوجته لأمرهما.

أما إن نهياه عن الزواج من امرأة بعينها، فالأصل وجوب طاعتهما، ما لم يخش الوقوع في الحرام مع هذه المرأة، وكذلك لو منعه أحد والديه لمجرد التعنت، فلا تجب طاعته عندئذ، خاصة إذا كان الابن سيتضرر من ترك الزواج بهذه المرأة؛ وراجع في ذلك الفتوى ذوات الأرقام التالية: 123570، 93194، 141389، 115226.

وهنا ننبه على كون الأولى والأفضل ـ بلا ريب ـ أن يقدم الإنسان بر والديه على هوى نفسه، فإن هذا على ما فيه من أجر وفضل، يكون أدعى للمودة والتواصل، وأبعد عن التهاجر والتدابر، في العائلة الواحدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني