الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لباس المرأة أمام محارمها في حال حدادها على زوجها وما يباح لها

السؤال

هل لباس المرأة في حدادها إذا توفي زوجها مع محارمها أو مع النساء يجب أن يكون كلباسها عند وجود رجل من غير المحارم؟ فدرجة الحرارة مرتفعة هنا, وتحتاج المرأة للتخفيف من الملابس عندما تكون في معزل عن الرجال غير المحارم, وهل يجب عليها تغطية يديها؟
وهل تمتنع من الخروج من منزلها؟ وهل هناك وقت محدد للاستحمام؟ وما هي الأمور التي تمتنع عنها؟ أرجو أن تكون الإجابة من المذهب المالكي - إن أمكن - جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المرأة في زمن العدة من وفاة زوجها يجب عليها أن تحد ـ أي: تترك الزينة ـ وهذا أمر متفق عليه, وأدلته كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: لاَ تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلاَ تَكْتَحِلُ، وَلاَ تَمَسُّ طِيبًا إِلاَّ إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ. وهو في صحيح مسلم.

وأما بخصوص تفاصيل ما يحرم على المحدة عند المالكية: فيقول ابن عبد البر المالكي في الكافي: والإحداد هو اجتناب جميع ما يتزين به النساء من حلي, وصبغ, وكحل, وخضاب, وثياب مصبوغة ملونة، أو بيض يلبس منها للزينة، وقد قيل: إنه لا بأس بلبس البياض والسواد الأدكن، والصواب أنها لا يجوز لها شيء تتزين به بياضًا ولا غيره، وأما الحلي والخاتم وما فوقه: فلا يجوز للحاد لبسه, وكذلك الطيب كله مؤنثه ومذكره، وإن اضطرت إلى الكحل اكتحلت ليلًا ومسحته بالنهار، ولا تقرب شيئًا من الأدهان المطيبة, كدهان البان, والورد, والبنفسج, والخيري، ولا بأس بالزيت, والسيرج, والسمن, وكل ما لا زينة فيه, فلا بأس للحاد من النساء به؛ لأنها منعت من التزويج ومعانيه. انتهى.

فعُلِم من ذلك أن المعتدة من وفاة تترك كلما يعتبر زينة زمن عدتها.

أما غير الزينة - من نحو استحمام, ونظافة لا زينة فيها, ولا طيب - فلا فرق فيه بينها بين غير المحدة، ويستثنى من الطيب ما يحتاج له عند الاغتسال من الحيض، فيجوز منه ما يمنع الرائحة الكريهة في موضعها، وتراجع للفائدة الفتويان رقم: 178185، ورقم: 5554.

وأما الخروج من المنزل: فيقول ابن عبد البر: يلزم المعتدة من الوفاة والطلاق أيضًا المبيت في بيتها لا تخرج عنه إلا من عذر, وأمر لا بد لها منه, ولا تجد من يقوم لها به، ولا بأس عليها أن تخرج نهارًا في حوائجها، وكذلك عند مالك خروجها في طرفي النهار والليل عند انتشار الناس في أوله قدر هدوئهم في آخره ولا بأس بذلك، ويستحب أن لا تغرب الشمس عليها إلا في بيتها، ولا يجوز لها أن تبيت إلا في منزلها، فإن خرجت في ليلة من عدتها فباتت في غير منزلها أثمت في فعلها, ولا يجوز لها أن تفعل ذلك في باقي عدتها، ولها أن تبني على ما مضى منها، ولا تستأنف العدة، ولا يحل لها الانتقال من دارها حتى تنقضي عدتها, إلا أن تخاف عورة منزلها, أو شبه ذلك مما لا يمكنها المقام معه, فتنتقل حينئذ, ثم تقيم حيث انتقلت حتى تنقضي عدتها، وإن كان المسكن لزوجها لم يجز لورثته أن يخرجوها منه حتى تنقضي عدتها.

أما اختلاطها بالناس وتعاملها معهم, وما يجوز أن يراه محارمها منها وما لا يجوز: فلا أثر للعدة عليه، فعورة المرأة في العدة مع محارمها وغير محارمها هي عورتها في غير العدة، وتراجع للفائدة الفتويان رقم: 21428، ورقم: 1265.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني