الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الله أحق أن يُستحيى منه, ولا يجوز معايرة الشخص بذنبه

السؤال

رجل رآه أهله على معصية, فماذا يفعل؟ ورجل عيّره أخوه بذنب، فعيّره هو أيضًا بنفس الذنب, وكلاهما فعل ذلك الذنب، فحدث هجران، وكلما أراد أحدهما أن يكلم الآخر لا يرد عليه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى من قارف المعاصي أن يبادر بالتوبة منها؛ سواء رآه أهله وهو يقارفها أم لم يروه، فالله أحق أن يُستحيى منه! وإن من علامات ضعف الإيمان أن يخشى الشخص الناس ولا يخشى الله، وأن يجعله أهون الناظرين إليه؛ فيتحرَّز من علم الناس بجرائمه, ولا يتحرز من رؤية الله تعالى له وهو مقيم على معصيته.

هذا، ولا يجوز معايرة الشخص بذنبه، ويتأكد المنع إذا كان ذلك الشخص قد تاب من ذنبه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشماتة بالمسلمين، وعن طلب عثراتهم وتتبع عوراتهم، فعن وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ - رضي الله تعالى عنه - أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ. رواه الترمذي، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وعن أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله تعالى عنه - أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ. رواه أبو داود.

وأما ما حصل من القطيعة والهجران بين هذين الشخصين العاصيين، فإنه من آثار الذنوب والمعاصي؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا. رواه أحمد. فكيف الحال لو كان كلاهما يتعاطى المعاصي ويقارف الذنوب؟!

وعلى كل حال: فإن الواجب عليهما التوبة من ذلك الذنب أولًا، والتوبة من التهاجر الحاصل بينهما ثانيًا؛ فإن هجر المسلم فوق ثلاثة أيام لا يحل؛ وانظر الفتوى رقم: 32914.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني