الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زواج المرأة بمن زنى بها في حال حملها, وهل يثبت نسب الولد لأبيه؟

السؤال

أنا امرأة متزوجة سرًّا عن أهل الزوج، والزواج كان بسبب أنني كنت حاملًا من ذلك الرجل، وبعد معرفة الولي ـ أي: أخي ـ بالحمل زوجنا مكرهًا، وتم الزواج وأنا حامل, ولم يتم دفع مهر, ولا إشهار، ولا يعلم أهل الزوج به، ومضى على زواجنا ست سنين، مع العلم أنني أنجبت أطفالًا منه، فهل زواجي صحيح؟ وهل الولد الذي كنت حاملًا به ولد زنا؟ أرجو أن ترشدوني إلى الصواب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا عدم جواز تزوج الزاني بمن زنا بها إلا بعد التوبة والاستبراء، وانظري الفتوى رقم: 11295.

وجماهير أهل العلم على أن الحمل من الزنا لا ينسب إلى الزاني، وإنما هو ولد زنا ينسب لأمه فقط، لكن ذهب بعض العلماء إلى جواز عقد الزاني على الحامل من زناه, وأن الولد ينسب إليه ما دامت المرأة ليست فراشًا لغيره, ولم ينازعه أحد في نسب الولد، قال ابن قدامة - رحمه الله -: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور، وقال الحسن, وابن سيرين: يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد, ويرثه، وقال إبراهيم: يلحقه إذا جلد الحد، أو ملك الموطوءة، وقال إسحاق: يلحقه، وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسًا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها، والولد ولد له.

فإن كان وليك زوجك لهذا الرجل في حضور شاهدين, فزواجك صحيح على رأي بعض أهل العلم، أما الإشهار: فهو مستحب عند الجمهور, وليس بشرط لصحة النكاح، قال ابن قدامة: فإن عقده بولي وشاهدين فأسروه، أو تواصوا بكتمانه كره ذلك, وصح النكاح، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر.

ولا يضر عدم علم أهل الزوج به إذا حصل الإشهاد، وذكر المهر ليس شرطًا في صحة النكاح، وراجعي الفتوى رقم: 76154.

والخلاصة أن زواجك المذكور إن كان بشهود فهو فاسد عند الجمهور؛ لكونه تم قبل الاستبراء، وإذا لم يكن قبل توبتك فهو فاسد أيضًا عند من لا يرى صحة نكاح الزانية، كما عليه الفتوى عندنا، ولا حرج عليك في الأخذ بقول من يصحح هذاالنكاح, قال الشاطبي - رحمه الله -: فَالنِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ قَدْ يُرَاعَى فِيهِ الْخِلَافُ، فَلَا تَقَعُ فِيهِ الْفُرْقَةُ إِذَا عُثِرَ عَلَيْهِ بَعْد الدُّخُولِ، مُرَاعَاةً لِمَا يَقْتَرِنُ بِالدُّخُولِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي ترجح جَانِبَ التَّصْحِيحِ. وانظري الفتوى رقم: 11426.

وأما بخصوص الولد الذي نتج من الزنا: فالمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وهو عدم لحوق نسبه بالزاني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني