الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التلفظ بالكفر استهزاء أو غلطاً

السؤال

هل من استهزأ بكلمة من حديث مثل كلمة اخشوشنوا في زلة لسان يعتبر مرتداً.وفي هذه الحالة هل حبط كل ما عمله من خير رغم توبته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الاستهزاء بالله تعالى أو بكتبه أو رسله أو ملائكته أو أحكام شرعه أو أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم، كل ذلك كفر سواء كان الشخص جاداً أو هازلاً، لقوله تعالى:وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة: 66].
والاستهزاء بالدين من أخطر الكبائر وأعظمها لأن صاحبه مريض القلب، مستهين بالدين لا يرضاه لنفسه ويفضل عليه غيره.
هذا إذا كان الاستهزاء مقصوداً سواء كان ذلك بقصد اللعب واللهو كما قال المنافقون، وأحرى أن يكون صاحبه جاداً. والعياذ بالله من ذلك كله.
أما ما كان مجرد سبق لسان أو غلطاً أو حكاية لا يقصد بها الاستهزاء أو كان من مكره فهذا لا يضر إن شاء الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه بن ماجه والحاكم.
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عليه. رواه ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي في السنن الصغير
وقال تعالى:مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106].
وكذلك الخطأ فقد قال صلى الله عليه وسلم حكاية عن رجل في حديث التوبة: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح. رواه مسلم.
وعلى هذا فإذا كانت زلة اللسان من الخطأ أو النسيان أو الغفلة..... فنرجو ألا يكون بها بأس. وعلى من صدر منه شيء من ذلك أن يستغفر الله تعالى، ويبادر بالتوبة، وإذا حكم بردة شخص عن الإسلام فقد حبط ما قدمه من عمل على أصح أقوال أهل العلم، وعليه إذا تاب ورجع إلى الله تعالى عليه أن يجدد عقد زوجته من جديد، وإذا كان قد حج حجة الإسلام فإن عليه أن يحج مرة أخرى، وهكذا كل أعماله. ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65].
وننبه السائل الكريم إلى أن الحديث الذي وردت فيه كلمة اخشوشنوا روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وروي موقوفاً على عمر رضي الله عنه، فقد رواه الطبراني عن عبد الله بن أبي حدرد بلفظ: تمعددوا واخشوشنوا، وانتضلوا، وامشوا حفاة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني