الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قدوم وفد بني الحارث بن كعب وإسلامهم

السؤال

هل لوفد بني الحارث بن كعب قصة مع الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفد هملان؟ حيث قال لهم الرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم الذين إذا زجروا استقدموا، فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثانية، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثالثة، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الرابعة، فقال يزيد بن عبد المدان: نعم يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا، قالها أربع مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم، فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، قال: فمن حمدتم؟ قالوا: حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله، قال: صدقتم ـ لأنه يبدو من حديث النبي صلى الله عليه وسلم معهم أنه حدث معهم موقف قبل هذا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يكن مقدم وفد بني الحارث بن كعب من نجران إلى المدينة إلا فصلا من فصول قصة هذه القبيلة العريقة مع رسُول اللّه صَلَى اللّه عليه وسَلّم: فإنهم كانوا من أشراف العرب وساداتها في الجاهلية في جنوب الجزيرة في نجران، ينتهي نسبهم عند بني قحطان، حتى إنهم بنوا لهم كعبة يعظمها الناس منافسة لقريش وكانوا يسمونها الربة ـ كما في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ـ ولذلك لم يكن وفودهم على النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم إلا متأخرا بعد عامة الوفود وبعد بعث خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ إليهم، وذلك أن المشهور في السيرة أن وفود قبائل العرب عامتها قدمت في السنة التاسعة من الهجرة تسلم وتبايع رسُول اللّه صَلَى اللّه عليه وسَلّم، ولذلك سمي عام الوفود بعد أن دانت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة في السنة الثامنة، وبعض الوفود كانت أسرع إسلاما ومَقدما من ذلك، وبعضها تأخرت كقبيلة بني الحارث بن كعب لبعدهم ومنعتهم وعزتهم، فكان أن بعث لهم رسُول اللّه صَلَى اللّه عليه وسَلّم خالد بن الوليد في ربيع الأول من السنة العاشرة يدعوهم إلى الإسلام ثلاثا قبل أن يقاتلهم فأسلموا، وأقام فيهم خالد يعلمهم الكتاب والسنة، ثم كاتبه رسُول اللّه صَلَى اللّه عليه وسَلّم يدعوه للحضور مع وفد يمثلهم، فدار بينه وبينهم هذا الحوار الذي في السؤال، ثم أمّر عليهم قيس بن الحصين ثم رجعوا في أواخر شوال، ثم أرسل إليهم رسُول اللّه صَلَى اللّه عليه وسَلّم عمرو بن حزم ليفقههم في الدين ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم صدقاتهم، هذه التفاصيل وغيرها تجدها في سيرة ابن سحاق وتاريخ الطبري وتاريخ ابن كثير وغيرها من كتب السير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني