الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في تعليم الشاب أصدقاءه مع الحذر من أسباب الفتنة والريب

السؤال

عذرا إن كان السؤال طويلا ومتعددا: عمري 19 عاما ـ والحمدلله ـ حافظ متقن للقرآن، وأغار على أعراض المسلمين غيرة شديدة، وأحب شباب المسلمين وأشبالهم حبا شديدا، ومنطقتي متدينة مسلمة عفيفة، لكن الجهل عند المراهقين فاحش خصوصا في الأمور الفقهية، ولا يوجد من يهتم بهم، أو يعلمهم، أو يرشدهم، فانظر يا شيخ ماذا أصبحت أفعل: أكون في باحة المسجد فأرى أحد المراهقين ـ12-19 سنة ـ ممن أتوسم فيه الخير والاستجابة فأطلبه في موضوع خاص بيني وبينه ونجلس في إحدى زوايا المسجد فأعلمه بعبارات مؤدبة غسل الجنابة وماذا يفعل بشعر الإبط والعانة وما هو المني والمذي وغير ذلك ـ وذلك لأنهم يتحرجون من أن يسألوا حول هذه الأمور ـ وأثناء الكلام معه أحذره، فأقول: لا تلمس ذكرك من غير حاجة، أو عن رغبة ومتعة في نفسك، فهذا يا أخي حرام شرعا، ولا تخلو بنفسك وتفكر في هذه الأشياء ـ أقصد أن أحذره من العادة القبيحة إن كان يفعلها من دون أن أذكر له ماهيتها، وإن لم يكن يفعلها فأكون نهيته عن مقدماتها لئلا يقع فيها ـ والحمد لله وجدت استجابة ممتازة جدا، فماذا تقولون في هذا الصنيع من حيث تفقيه المراهقين وتوعيتهم لئلا يقعوا في الفواحش؟ وهل من تعديل، أو نصح، أو إرشاد؟ وهل لي أن أستهدف الأشبال ـ12-14 سنة ـ بالذات لأحذرهم من العادة القبيحة بشكل غير مباشر؟ فالله لا يستحيي من الحق ـ فأحيانا تتحرك شهوتي وأنا أتكلم مع أحدهم وقد ينزل مني مذي، علما بأنني لا أخلو بأحدهم البتة، فهل علي شيء؟ وهل هذا طبيعي؟ أحيانا أوسوس فأخاف أن يؤدي حديثي مع أحدهم عن هذه الأمور إلى الوقوع في العادة القبيحة ونحوها، وأنا الحمد لله أصفي نيتي لله وأبتغي أجر تعليم المسلمين وذب الفواحش عنهم وتطهيرهم، فهل من نصيحة؟ أقول هل لفعلي ثواب؟ أم إنني أفعل هذا من أجل غيرتي وحبي الشديدين لأشبال وشباب المسلمين، وأرى أن هذا من الشيطان ولا اعتبار له؟ فماذا ترون؟ أقول في نفسي أتركهم وغدا يكبرون ويتعلمون أمور دينهم وليس هذا ضروريا الآن، فبماذا تنصحونني؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك غيرتك على أعراض المسلمين، وحرصك على تعليم شبابهم وتبصيرهم بدينهم ونصحهم بالبعد عن مواطن الفتن
غير أننا ننبهك لأمرين:
الأمر الأول: ينبغي أن يكون حبك الشديد للشباب في الله، وبحبك إياهم تتعبد لله تعالى، وفي الحديث الصحيح: أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ.

والأمر الثاني: وهو ما ذكرته من خروج المذي عند كلامك مع بعضهم، فإن هذا الأمر غير معتاد، فنخشى أن يكون سبب ذلك هو النظر إليهم بشهوة، أو لمسهم بشهوة، خصوصا إن كان الشاب جميل الصورة، وفي هذه الحال لا يجوز لك النظر إليهم ولا لمسهم، ففي الإنصاف للمرداوي بعد ما ذكر أصناف الذين يجوز النظر إليهم، ومنهم الرجل إلى الرجل قال: وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا لِشَهْوَةٍ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَنْ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ إجْمَاعًا، كَذَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إذَا خَافَ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ وَغَيْرُهُ. انتهى.

فالواجب عليك البعد عن مواطن الريب والفتن ولو في مقام التعليم، خصوصا وأنك من حملة كتاب الله تعالى، وقد جاء في الموسوعة الفقهية: التعامل مع الأمرد الصبيح من غير المحارم ينبغي أن يكون مع شيء من الحذر غالبا ولو في مقام تعليمهم وتأديبهم، لما فيه من الآفات، وعند الحاجة إلى معاملة الأمرد للتعليم أو نحوه ينبغي الاقتصار على قدر الحاجة وبشرط السلامة وحفظ قلبه وجوارحه عند التعامل معهم، وحملهم على الجد والتأدب ومجانبة الانبساط معهم، والأصل: أن كل ما كان سببا للفتنة، فإنه لا يجوز، حيث يجب سد الذريعة إلى الفساد إذا لم يعارضها مصلحة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني