الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال الشخص المعاريض لأخذ ما لا يستحقه

السؤال

اعذروني إن كان السؤال طويلاً.
امتحنت امتحانات الثانوية، فنجحت في المواد كلها والحمد لله إلا مادة واحدة، جدتي -على ما أظن هذه عادة- من ينجح تعطيه بعض النقود. المهم كنت عندها فدخلت وأحضرت النقود، ثم سألتني عن الامتحانات، فاستخدمت معاريض الكلام وقلت: نجحت، وقصدت بذلك المواد التي نجحت فيها، ثم سألتني سؤالاً آخر بخصوص ما سألتحق به إن شاء الله بعد أن نجحت في الامتحانات، فقلت لها إن من المفترض أن أدخل الجامعة أو الكلية، (مع أن من المفترض أنه كان عندي امتحان دور ثان، ثم إني لا أعرف هل سأدخل إن شاء الله كلية أم معهدا) ثم أعطتني النقود، المشكلة أني لا أعلم هل كذبت في الرد عليها أم لا؟
سؤالي هو: إن كنت قد كذبت فهل تحل لي هذه النقود أم لا وإن كانت حراماً فماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً، والرجاء ألا تحيلوني على فتاوى أخرى. وصلى الله وسلم على خاتم النبيين والحمد لله رب العالمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعاريض التي استعملتها لأخذ مال جدتك حيلة في غير محلها المشروعة فيه.

قال النووي في الأذكار: وقال العلماء: فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب، أو دعت حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة فهو مكروه وليس بحرام، فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق، فيصير حينئذ حراماً. انتهى.

وراجع الفتويين: 7758، 68919.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْمَعَارِيضِ الَّتِي يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا، فَإِنَّ عَامَّتَهَا إنَّمَا جَاءَتْ حَذَرًا مِنْ تَوَلُّدِ شَرٍّ عَظِيمٍ عَلَى الْأَخْبَارِ - فَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهَا كِتْمَانَ مَا يَجِبُ مِنْ شَهَادَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ عِلْمٍ، أَوْ صِفَةِ مَبِيعٍ أَوْ مَنْكُوحَةٍ، أَوْ مُسْتَأْجَرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا حَرَامٌ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِهِ إذَا ذُكِرَتْ الْأَحَادِيثُ الْمُوجِبَةُ لِلنَّصِيحَةِ وَالْبَيَانِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُحَرِّمَةُ لِلْغِشِّ وَالْخِلَابَةِ وَالْكِتْمَانِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ مُثَنَّى الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ: كَيْفَ الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِي الْمَعَارِيضِ؟ فَقَالَ: الْمَعَارِيضُ لَا تَكُونُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ. تَكُونُ فِي الرَّجُلِ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ نَحْوِ هَذَا. وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ بَيَانُهُ فَالتَّعْرِيضُ فِيهِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ كِتْمَانٌ وَتَدْلِيسٌ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْإِقْرَارُ بِالْحَقِّ، وَالتَّعْرِيضُ فِي الْحَلِفِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْعُقُودُ بِأَسْرِهَا ...."

وعليه فتعريضك من باب التعريض المحرم؛ لأنك توصلت به إلى أخذ مالِ لم يكن لك أخذه؛ لأن المال الذي رصدته جدتك يخص الناجحين على ما يظهر؛ وبالتالي فالمال حرام يجب رده إليها، أو استسماحها فيه، وكذا يجب عليك التوبة من الكذب، والتوبة من التعريض المحرم الذي أخذت به ما لا تستحقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني