الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز ‏هجر المنافق والنمّام؟

السؤال

هل يجوز ‏هجر المنافق والنمّام؟ فزوجة أخي منافقة، ونمّامة حتى أنها أحدثت مشاكل كثيرة في المنزل, فأصبح ‏حديثي معها محصورًا بالسلام, وقلّ كلامي ‏معها، وأنا لا أريد أن أقاطعها، لكني لا أريد التحدث ‏معها كثيرًا, فهل ما أفعله صحيح؟ أرشدوني ‏- جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يجوز هجر أهل المعاصي للمصلحة؛ لأن العلماء ذكروا جواز هجران أصحاب المعاصي أكثر من ثلاثة أيام إن ترتب على ذلك فائدة، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص.

فإن لم يترتب على الهجر فائدة، فالواجب حينئذ مراعاة المصلحة في الهجر، فيترك ويلجأ إلى أسلوب المواصلة واستمالة قلب العاصي، وهذا هو منهج الأنبياء، فإنهم ما هجروا أقوامهم مع حرصهم على الشرك وتماديهم عليه، فقد صبر نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى الله ليلًا ونهارًا، سرًّا وجهارًا.

ولا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه هجر بعض أصحابه إلا بعد إقامته لدولة الإسلام في المدينة وتمكن الإسلام فيها؛ ولذلك كان لهجره للثلاثة الذين خلفوا أثر كبير عليهم، حيث ضاقت عليهم الأرض، وضاقت عليهم أنفسهم، ثم تابوا وكانوا صادقين في توبتهم.

قال العراقي في أحاديث الأحكام: ... وأما قوله: "لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام" فمحله إذا كان الهجران لحظوظ النفس، وتعنتات أهل الدنيا.

قال النووي في الروضة: قال أصحابنا وغيرهم: هذا في الهجران لغير عذر شرعي، فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا يحرم، وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه، ونهيه الصحابة عن كلامهم، وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعض. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني