السؤال
هل كفر الإمام أحمد بن حنبل من قال بخلق القرآن؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم بكفر من قال: القرآن مخلوق، ثابت عن الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف، قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة: سمعت أبي ـ رحمه الله ـ يقول: من قال: القرآن مخلوق، فهو عندنا كافر، لأن القرآن من علم الله عز وجل، وفيه أسماء الله عز وجل. اهـ.
وعدَّ ابن القيم هذا في المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد، فقال في إعلام الموقعين: أما الإمام أحمد رحمة الله عليه ورضوانه: فإنه حلف على عدة مسائل من فتاويه... سئل: من قال القرآن مخلوق، كافر؟ فقال: إي والله. اهـ.
بل قد حكم الإمام أحمد على البلد التي يظهر فيها القول بخلق القرآن ونحو ذلك من البدع المكفرة بأنها دار كفر، قال أبو بكر الخلال: كان يقول: الدار إذا ظهر فيها القول بخلق القرآن والقدر وما يجري مجرى ذلك، فهي دار كفر اهـ.
ولم ينفرد الإمام أحمد بذلك، فقد عدّ اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: أكثر من خمسمائة وخمسين نفساً من التابعين وتابعيهم، كلّهم قالوا: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال: مخلوق، فهو كافر، ثم قال: ولو اشتغلت بنقل قول المحدثين لبلغت أسماؤهم ألوفا كثيرة, لكني اختصرت وحذفت الأسانيد للاختصار. اهـ.
وقال الإمام السجزي في رسالته في الرد على من أنكر الحرف والصوت: واتفق المنتمون إلى السّنة بأجمعهم على أنه غير مخلوق، وأنّ القائل بخلقه كافر، فأكثرهم قال: إنه كافر كفراً ينقل عن الملة، ومنهم من قال: هو كافر بقول غير الحق في هذه المسألة، والصحيح الأوّل، لأن من قال: إنه مخلوق، صار منكراً لصفة من صفات ذات الله عز وجل، ومنكر الصفة كمنكر الذات، فكفره كفر جحود لا غير. اهـ.
ولكن هذا الكفر النوعي لا يلزم منه التكفير العيني، فإن ذلك موقوف على قيام الحجة وثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذه المقالات هي كفر، لكن ثبوت التكفير في حق الشخص المعين موقوف على قيام الحجة التي يكفر تاركها، وإن أطلق القول بتكفير من يقول ذلك فهو مثل إطلاق القول بنصوص الوعيد، مع أن ثبوت حكم الوعيد في حق الشخص المعين موقوف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه، ولهذا أطلق الأئمة القول بالتكفير مع أنهم لم يحكموا في عين كل قائل بحكم الكفار، بل الذين استمحنوهم وأمروهم بالقول بخلق القرآن وعاقبوا من لم يقل بذلك إما بالحبس والضرب والإخافة وقطع الرزق، بل بالتكفير أيضا، لم يكفروا كل واحد منهم، وأشهر الأئمة بذلك الإمام أحمد وكلامه في تكفير الجهمية مع معامتله مع الذين امتحنوه وحبسوه وضربوه مشهور معروف. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 61834.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني