الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم من أتى بدعاء الاستفتاح والفاتحة ظانا إدراك الإمام فركع الإمام وهو يقرأ الفاتحة

السؤال

لقد أجبتم على سؤالي رقم: "2420807" ولكم جزيل الشكر، ولكنكم لم توضحوا لي ما سألت عنه, ألا وهو الطمأنينة في ذلك الموضع: بالنسبة للمسبوق حال اقتدائه بإمام راكع أو ساجد, بعد تكبيرة الإحرام وقبل تكبيرة الركوع هل تجب أم لا؟
وهل صحيح أن من قرأ جزءًا من دعاء الاستفتاح كان عليه أن يقرأ بقدره من الفاتحة وإلا بطلت صلاته؟ أفتونا - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما ذكرناه في الفتوى رقم: 214246 من أن الواجب على من كبر للإحرام وإمامه راكع أو ساجد أن يكمل تكبيرة الإحرام قائمًا، فإذا كبر لزمه أن ينتقل إلى الركن الذي فيه الإمام، هذا الذي ذكرناه هو المقدار الواجب من الطمأنينة، وقد نقلنا لك كلام النووي - رحمه الله - حيث قال: قال أصحابنا: إذَا أَدْرَكَهُ سَاجِدًا، أَوْ فِي التَّشَهُّدِ، كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ قَائِمًا، وَيَجِبُ أَنْ يُكْمِلَ حُرُوفَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَائِمًا, كَمَا سَبَقَ بيانه قريبا في صِفَةِ الصَّلَاةِ, فَإِذَا كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ لَزِمَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْإِمَامُ. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: فَإِنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَقَطْ، فَالرُّكْنُ مِنَ الْقِيَامِ بِقَدْرِ التَّحْرِيمَةِ؛ لأَنَّ الْمَسْبُوقَ يُدْرِكُ فَرْضَ الْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَهَذَا رُخْصَةٌ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ خَاصَّةً، لإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ. انتهى.
وأما الشطر الثاني من سؤالك فصورته الصحيحة: أن من غلب على ظنه أنه إذا أتى بدعاء الاستفتاح والفاتحة أنه سيدرك الإمام ففعل, ثم ركع الإمام وهو في أثناء الفاتحة؛ فإنه يلزمه عند بعض أهل العلم أن يقرأ من الفاتحة بقدر ما قرأ من الاستفتاح، وإن لم يفعل بأن ركع عامدًا عالمًا بطلت صلاته, وهذا القول هو الذي رجحه النووي وغيره كما في المجموع فقال - رحمه الله تعالى -: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الدُّعَاءَ وَالتَّعَوُّذَ أَدْرَكَ تَمَامَ الْفَاتِحَةِ اُسْتُحِبَّ الْإِتْيَانُ بِهِمَا, فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

(أَحَدُهَا) يُتِمُّ الْفَاتِحَةَ.

(وَالثَّانِي) يَرْكَعُ, وَيَسْقُطُ عَنْهُ قِرَاءَتُهَا, وَدَلِيلُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ, قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: هَذَا الثَّانِي هُوَ نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ, قَالَ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ

(وَالثَّالِثُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ, وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي زَيْدٍ المروزي, وصححه القفال والمعتبرون, أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ رَكَعَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَقِيَّةُ الْفَاتِحَةِ, وَإِنْ قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّشَاغُلِ, فَإِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ إتْمَامُ الْفَاتِحَةِ فَتَخَلَّفَ لِيَقْرَأَ كَانَ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ, فَيَسْعَى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ, فَيُتِمُّ الْقِرَاءَةَ, ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَعْتَدِلُ, ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى يَلْحَقَ الْإِمَامَ, وَيُعْذَرُ فِي التَّخَلُّفِ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ, وَتُحْسَبُ لَهُ رَكْعَتُهُ, فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَفِيهِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَصْلِ متابعة الإمام, فإن خَالَفَ وَلَمْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ بَلْ رَكَعَ عَمْدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ الْقِرَاءَةَ عَامِدًا. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني