الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيان معنى: لا (يصح) و(ثابت) و( فيه غرابة أو غرابة عجيبة)

السؤال

ما معنى قول المحدثين عن الأحاديث: لا يصح؟ وما معنى قولهم: ثابت؟ وما معنى قول ابن كثير في الحكم على الأحاديث في تفسير القرآن عن الحديث: فيه غرابة، أو غرابة عجيبة؟ وهل الغريب معناه أن راو واحد هو من روى الحديث أم شيء آخر؟ وهل الغرابة تكون في متن الحديث أم في سنده؟ وإن كان في متن الحديث، فما هي الغرابة في متنه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث الذي لا يصح هو الحديث الذي فقد شرطا أو أكثر من شروط الصحة، ومن أهل العلم من يطلق ذلك على الحديث الساقط، أو المكذوب، قال الدكتور محمد أبو شُهبة في الوسيط في علوم ومصطلح الحديث: الألفاظ الدالة على الوضع، من ذلك قولهم: هذا حديث موضوع، أو كذب، أو باطل، أو لا أعرفه، إذا صرح بذلك أحد الأئمة الكبار، وكذا قولهم: هذا الحديث لا أصل له، أي ليس له إسناد يعرف، أما قولهم: لا يثبت، أو لا يصح، فليسا نصا في ذلك، لأنه لا يلزم من عدم الصحة، أو عدم الثبوت الوضع, ولقد أكثر ابن الجوزي في موضوعاته من استعمالها مريدا الوضع، والموصلي كذلك, وهو اصطلاح لهما. اهـ.

وذكر القاسمي في قواعد التحديث عدة مسائل تتعلق بالضعيف، فكانت السادسة منها: قال الحافظ ابن حجر: لا يلزم من كون الحديث لم يصح أن يكون موضوعًا ـ قال الزركشي: بين قولنا: موضوع، وقولنا: لا يصح، بون كثير، فإن في الأول إثبات الكذب والاختلاق، وفي الثاني إخبارًا عن عدم الثبوت، ولا يلزم منه إثبات العدم، وهذا يجيء في كل حديث قال فيه ابن الجوزي: لا يصح ونحوه. اهـ.

وأما الحديث الثابت: فهو الحديث المستجمع لشروط القبول، ويشمل على الراجح الصحيح والحسن، قال السيوطي في ألفيته:
وَلِلْقَبُولِ يُطْلِقُونَ جَيِّدَا * وَالثَّابِتَ الصَّالِحَ وَالمُجَوَّدَا

وَهَذِهِ بَيْنَ الصَّحِّيحِ وَالحَسَنْ * وَقَرَّبُوا مُشَبَّهَاتٍ مِنْ حَسَْن

وَهَلْ يُخَصُّ بِالصَّحِيحِ الثَّابِتُ * أَوْ يَشْمَلُ الْحُسْنَ نِزَاعٌ ثَابِتُ. اهـ.

وجزم في تدريب الراواي بالشمول، فقال: من الألفاظ المستعملة عند أهل الحديث في المقبول: الجيد، والقوي، والصالح والمعروف، والمحفوظ، والمجود، والثابت... والمجود والثابت يشملان أيضا الصحيح. اهـ.

وروى الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه عن الشافعي قال: لا يقبل إلا حديث ثابت, كما لا يقبل من الشهود إلا من عرفنا عدله, فإذا كان الحديث مجهولا، أو مرغوبا عمن حمله كان كما لم يأت، لأنه ليس بثابت. اهـ.

وأما الغرابة التي يذكرها ابن كثير ـ رحمه الله ـ فهي الغرابة المعروفة في اصطلاح المحدثين، وتكون في المتن كما تكون في السند، قال ابن كثير في الباعث الحثيث: أما الغرابة: فقد تكون في المتن، بأن يتفرد بروايته راو واحد، أو في بعضه، كما إذا زاد فيه واحد زيادة لم يقلها غيره.. وقد تكون الغرابة في الإسناد، كما إذا كان في أصل الحديث محفوظاً من وجه آخر أو وجوه، ولكنه بهذا الإسناد غريب، فالغريب: ما تفرد به واحد، وقد يكون ثقة، وقد يكون ضعيفاً، ولكل حكمه. اهـ.

وقال العراقي في شرح ألفيته شرح التبصرة والتذكرة: الحديث الذي ينفرد به بعض الرواة يوصف بالغريب، وكذلك الحديث الذي ينفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره، إما في متنه، وإما في إسناده. اهـ.

وهنا ننبه على أننا لم نطلع على موضع لابن كثير في تفسيره يقول فيه عن حديث أو أثر: فيه غرابة عجيبة! ولم يذكر هذا التعبير الباحث مطر الزهراني في رسالته للماجستير: الإمام ابن كثير المفسر ص 333ـ قد تتبعت تفسير ابن كثير واستخرجت منه تعبيراته النقدية التي يستعملها في نقد الحديث سندا ومتنا... اهـ.

فذكر منها نماذج وليس منها: فيه غرابة عجيبة ـ وإنما قال ابن كثير مرة في تفسير سورة الأحقاف: فيه غرابة شديدة.

وقال في ثلاث مواضع: هذا أثر غريب عجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني