الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحقوق الزوجية والشروط الزوجية.. أيهما يقدم عند التعارض؟

السؤال

هل الحقوق الزوجية أهم من الشروط, أم إن الشروط أهم من الحقوق الزوجية؟
أنا شاب متخرج، ولكن ما زلت طالب علم أحب أن أستزيد من أمور ديني، ودنياي، وآخرتي.
وعندي سؤال شغل بالي أحب أن أطرحه على فضيلتكم.
بخصوص الاشتراطات في عقد النكاح، وجدت كثيرا من الناس رجالا ونساء يضعون شروطا أصبحت مع مرور الزمن أهم من الحقوق الزوجية, وكأن الزواج قائم على مبدأ الشروط والاشتراطات وليس على مبدأ المحبة والمودة، والقيام بالواجبات والحقوق الزوجية, فعلى سبيل المثال سمعت عن رجل وضع شرطا يقول: "يجب على الزوجة طاعة زوجها في غير معصية الله", لماذا يضعها كشرط ألم تكن حقا من حقوق الزوج أم لضمان حقه وخوفه من المستقبل؛ لأن الشرط أصبح في هذا الزمن أهم من الحقوق الزوجية؟
وكذلك الأمر عن الزوجات يضعن شروطا تتعارض مع الحقوق الزوجية مستقبلا على سبيل المثال: الوظيفة, وجميعنا نعلم أن المرأة بمجرد أن تتزوج ستكون مهنتها الأساسية هي بيتها، وزوجها، وأولادها, فإذا اشترطت الوظيفة, فإنها لا تستطيع التوفيق بين الوظيفة ومهنتها الأساسية إلا في حالات نادرة مثل أن تكون زوجة أخرى، أو يكون زوجها متوفى عنها، أو زوجها متنازل عن حقه، أو اعتمادها على الخادمة....... ولكن إذا كان الزوج على قيد الحياة، ويقوم بشؤون بيته، فيحصل الخصام والشجار بينهما مع مرور الزمن، بسبب عدم اهتمامها بزوجها وببيتها، وبأولادها وتفضيلها وتمسكها بوظيفتها عليهم وهي في غنى عنها, فيصل الأمر من الزوجة إلى النشوز والتطاول عليه، وبل يتحججون بشروطهم على كتابتها في عقد النكاح وأن هذا حق لهم, متناسيين أن أعظم حق على المرأة هو زوجها كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام, وأن زوجها يعتبر جنتها ونارها.
وكثير من الزوجات -هداهن الله- يفضلن على أزواجهن الأمور الدنيوية، بل ويضعنها كشرط أساسي في عقد النكاح متجاهلة ماهي حقوقه؟ وكل شغلها الشاغل تنفيذ شروطها -والتي تعتبر من ضمن الأمور الدنيوية- وعدم الاكتراث بالحقوق الزوجية -والتي تعتبر من ضمن الأمور الأخروية-.
فأصبحت الأمور الدنيوية أهم من الأمور الأخروية بمعنى أن الشروط أصبحت أهم من الحقوق الزوجية عند الناس، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.
أرجو من فضيلتكم الإجابة على سؤالي:
* هل فعلا الحقوق الزوجية أهم من الشروط, أم إن الشروط أهم من الحقوق الزوجية؟
* إذا كانت الإجابة هي أن الشروط أهم من الحقوق الزوجية, فما هو الحل برأيكم لكي لا تتعارض مع الحقوق الزوجية مستقبلا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجدر بنا أن نبين أولا المقصود بكل من الحقوق والشروط، فالحقوق هي الأمور التي أوجبها الشرع على كل من الزوجين تجاه الآخر، وقد سبق بيان هذه الحقوق في الفتوى رقم: 27662. وأما الشروط فهي التي يشترطها أي من الزوجين على الآخر، وهي على أقسام سبق بيانها في الفتوى رقم: 59904.

والأصل أن يوفى بالشروط التي فيها مصلحة لمشترطها ولا تنافي مقتضى العقد كما تؤدى الحقوق . ولو قدر أن حدث تعارض فالحقوق مقدمة، فالحقوق واجبة بأصل الشرع وبمقتضى العقد، ووجوب أدائها محل اتفاق، بخلاف هذه الشروط فوجوب الوفاء بها محل خلاف؛ كما أوضحنا في الفتوى المشار إليها سابقا.

وعمل المرأة جائز إذا انضبط بالضوابط الشرعية، وإن كانت تحت زوج فيشترط أن يأذن لها زوجها فيه. وإذا اشترطت عليه ذلك قبل الزواج، وهو لا يرغب في الزواج من امرأة عاملة فمن حقه أن يرفض هذا الشرط قبل أن يعقد له عليها. فالأمر في هذا هين؛ وتراجع الفتوى رقم: 3859 ، والفتوى رقم: 98474.

وإذا كان الزواج قائما على أساس الشرع، فأحسن كل من الزوجين في اختيار الآخر، وجعل الدين والخلق مبدأ له في اختياره، كان ذلك أدعى للتفاهم في أمور الحياة الزوجية، وتجنب كل ما يمكن أن يؤدي إلى الخصام. ولمزيد الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 8757 - 2494.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني