الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفصيل أوقات العصر الخمسة

السؤال

أولا: أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، فجزاكم الله خيرا.
ثانيا: كنت قد سمعت من إحدى الداعيات أن طريقة حساب وقت العصر هي كالآتي وهي جمع الوقت ما بين العصر والمغرب فإن كانوا مثلا 180 دقيقة فنقوم بقسمتها على 5 فتصبح 32 فمنذ أذان العصر لمدة 32 دقيقة يكون هذا وقت الفضيلة وبعدها ب 32 دقيقة أخرى يصبح وقت الاستحباب وبعدها 32 أخرى يكون وقت الجواز ثم 32 دقيقة أخرى يكون وقت الكراهة وبعدها ب 32 دقيقة أخرى يكون هذا الوقت الصلاة فيه حرام غير الفريضة فهل هذه الطريقة صحيحة وإن كانت صحيحة فهل هذا ينطبق أيضا على صلاة الظهر وأسألكم الدعاء لي بأن يصرف الله عني الوسواس وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس هذا الكلام صحيحا البتة، فمن العلماء من نص على أن للعصر خمسة أوقات، ولكنها لا تنقسم على هذا النحو المذكور في السؤال، ولعل الوهم عرض لمن قال لك هذا من هذه الجهة حيث سمع بأن للعصر خمسة أوقات، ولم يسمع تفصيلها ففرقها على وقت الصلاة استنباطا منه، وهذا غلط بلا شك، وأما تفصيل أوقات العصر الخمسة عند من قال به فبينه النووي رحمه الله في شرح المهذب وعبارته: قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالصَّيْدَلَانِيّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ: لِلْعَصْرِ خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ، وَوَقْتُ جَوَازٍ، بِلَا كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ جَوَازٍ وَكَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ عُذْرٍ. فَالْفَضِيلَةُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّخْصِ مِثْلَهُ وَنِصْفَ مِثْلِهِ، وَوَقْتُ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَيْنِ، وَالْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَالْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ حَالَ الِاصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَالْعُذْر وقت الظهر لمن جمع بسفر أو مطر. انتهى. ومن العلماء من يرى أن للعصر وقتين: وقت اختيار، ووقت ضرورة. ثم اختلفوا في تحديد وقت الاختيار فقيل إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، وقيل إلى اصفرار الشمس، ثم ما بعد وقت الاختيار وقت ضرورة يحرم تأخير الصلاة إليه لغير عذر، قال ابن قدامة: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ؛ فَرُوِيَ: حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ: «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ.» وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ آخِرَهُ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَهِيَ أَصَحُّ عَنْهُ حَكَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعَتْهُ يُسْأَلُ عَنْ آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ؟ فَقَالَ: هُوَ تَغَيُّرُ الشَّمْسِ. قِيلَ: وَلَا تَقُولُ بِالْمِثْلِ وَالْمِثْلَيْنِ؟ قَالَ: لَا، هَذَا عِنْدِي أَكْثَرُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. إلى أن قال: ولا يجوز تأخير العصر عن وقت الاختيار لغير عذر. انتهى.

وأما الوسوسة فعلاجها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، نسأل الله لك ولجميع المبتلين الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني