الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إغلاق الأبواب وتغطية الأواني .. إرشادات شرعية

السؤال

هل صحيح أن فتح أبواب غرف المنزل التي ليس فيها أحد (مجالس الضيوف - غرف نوم الضيوف ) مكروه ؟
وكذلك ترك سفرة الطعام مفروشة وقتا طويلا ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ندب الشارع لإغلاق الأبواب، وإكفاء الأواني أو تغطيتها بالليل؛ كما في الموطأ والصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أغلقوا الأبواب، وأوكوا السقاء، واكفئوا الإناء، وأطفئوا المصباح؛ فإن الشيطان لا يفتح غلقاً، ولا يحل وكاء، ولا يكشف إناء.... اهـ.

وقد بوب البخاري على فعل ذلك ليلا فقال: ( باب إغلاق الأبواب بالليل )

ويدل له قوله أطفئوا المصباح. وما في رواية للبخاري: إذا كان جنح الليل، أو أمسيتم فكفوا صبيانكم؛ فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وفي رواية لمسلم: غطوا الإناء وأوكوا السقاء؛ فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء. اهـ.

وقال الحافظ في الفتح: وقال ابن العربي: ظن قوم أن الأمر بغلق الأبواب عام في الأوقات كلها، وليس كذلك وإنما هو مقيد بالليل، وكأن اختصاص الليل بذلك؛ لأن النهار غالباً محل تيقظ بخلاف الليل. اهـ.

ولا مانع من فعل هذا نهارا، فيغلق الباب لتفادي الغبار أو الحر والبرد أو السرقة. وتغطى الأواني تحفظا من الأوساخ.

قال النووي: ذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد منها: الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث وهما: صيانته من الشيطان؛ فإن الشيطان لا يكشف غطاء، ولا يحل سقاء. وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة.

والفائدة الثالثة: صيانته من النجاسة والمقذرات.

والرابعة: صيانته من الحشرات والهوام فربما وقع شيء منها فيه فشربه وهو غافل، أو في الليل فيتضرر به. انتهى.

وقال العلامة الباجي في شرح موطأ الإمام مالك بعد ما ذكر أن ذلك في الليل عند النوم: ويحتمل أن يريد سائر الأوقات على ما يريد الناس حفظه من الأموال والطعام وغير ذلك؛ فإنه أحرز لما يريد حفظه. اهـ.

ثم إن الأمر المذكور أمر إرشاد واستحباب؛ كما قال الحافظ في الفتح: قال القرطبي: جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة، ويحتمل أن تكون للندب، ولا سيما في حق من يفعل ذلك بنية امتثال الأمر. اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: والأوامر في هذا الباب وأمثاله إرشادية، وتنقلب ندبية بفعلها بقصد الامتثال. اهـ.
وترك هذا الندب ليس مكروها.

فقد جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق: لا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة، إذ لا بد لها من دليل خاص. اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية: ذهب الأصوليون إلى أن المستحب يمدح فاعله ويثاب, ولا يذم تاركه ولا يعاقب. وذلك لأن ترك المستحب جائز ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني