الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة ولي الأمر فيما فيه مصلحة ظاهرة ولو ارتكب مخالفات شرعية

السؤال

أرجو الإجابة على سؤال على وجه السرعة: أعمل في الجمارك السودانية، وتأتـي إلينا عبر الطائرات الداخلية بعض كريمات التجميل للسيدات، ووزارة الصحة تقول إنها ضارة بالصحة، ولكن موردي هذه الكريمات من الفئات الفقيرة ـ طلاب، ربات منازل، معيلي الأسر ـ وحسب القوانين المتبعة فإنه يجب حظرها وإبداتها، وفي المقابل فإن الدولة تسمح باستيراد مواد خام السجائر، والمشروبات الغازية، وهذه أيضاً مضرة، ولكن الفرق في أن الآخر يدفع جمارك للدولة بينما أصحاب الكريمات ليس عليهم جمارك باعتبار أنها واردة من داخل البلاد، فهل يجوز لي السماح بدخول هذه الكريمات؟ أم يجب حظرها؟ وكما أسلفت، فإن الدولة تسمح بدخول بعض المواد الضارة، فهي تكيل بمكيالين، أليس هذا من الظلم حظر بعض المواد الضارة والسماح للبعض الآخر بالدخول إلى البلاد فقط، لأنه يدفع رسوما جمركية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت الجهات المختصة تقرر أن هذه الكريمات ضارة بالصحة, والدولة تمنع من دخولها، فلا يجوز لك السماح بدخولها لأن سماحك بهذا يعد تعاونا منك على إلحاق الضرر بالناس، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

وقال عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ، والحاكم في المستدرك وغيرهما.

هذا فضلا عن عدم الالتزام بطاعة أولي الأمر فيما فيه مصلحة ظاهرة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ {النساء:59}.

وأما تساهل ولي الأمر في ارتكاب مخالفات شرعية فلا يجيز لك ترك طاعته في أمر فيه مصلحة ظاهرة ـ كما سبق ـ لعموم الأدلة الدالة على وجوب طاعة أولي الأمر فيما ليس بمعصية، قال النووي في باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية ـ أجمع العلماء على وجوب طاعة الولاة في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، نقل الإجماع على هذا القاضي عياض وآخرون. اهـ.

وعلى أولي الأمر ألا يتساهلوا في إدخال ما يغلب على الظن استعماله في الحرام، سواء كان ذلك برسوم أم لا، فإن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، كما هو مقرر فقها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني