الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صرف المضارب مال المضاربة في مصالحه خيانة للأمانة ويفسد المضاربة

السؤال

أنا محتاجة فتوى بشكل ضروري، سأدخل في الموضوع.
زوجي وحماي أخذا من جارتنا8000 على أساس عمل وهو أنهما سيفتتحان مطعما شراكة بينهما، لكنهما احتاجا للمال جدا نظرا لظروف، وصرفا الفلوس، وطبعا لا يمكنهما أن يخبراها أنهما قد صرفا الفلوس، وكانا يعطيانها كل شهر 200جنيه على أساس أن هذا هو الربح، وأفهماها أنهما فتحا مشروعا بالفعل، وهذا هو المكسب.
بعد فترة توقفا عن إعطائها فلوسا؛ لأنهم أحسا أن هذه الأموال ربا، والعلم عند الله.
ماذا يفعلان حتى يفرجها الله عليهما ويسددان لها فلوسها ؟؟ وما هو رأي الدين في هذا الموضوع هل حرام عليهما أنهما لم يخبراها بأن الفلوس صرفت، مع العلم أنهما لو أخبراها فسوف يؤدي ذلك إلى مشاكل بينها وبينهما، أو يستمران على دفع المبلغ 200 جنيه حتى تفرج عليهما ويسددان لها أموالها ؟
الرد ضروري وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته السائلة من ضائقة مرت بهذين الشخصين، لا يحل لهما التصرف في مال المضاربة على هذا النحو، وما فعلاه يعد من الخيانة للأمانة، وأكل المال بالباطل، ودعواهما لصاحبة المال أن المبلغ الشهري من الربح، من الغش الذي يوشك افتضاحه، والصراحة خير من المخادعة، فعليهما التوبة إلى الله تعالى، ورد المال كله إلى صاحبته، ويحسب منه ما دفعاه إليها تحت مسمى الأرباح الشهرية, وتأخير السداد مع الإمكان حرام؛ لأن مطل الغني ظلم. وعليهما استحلالها من التصرف في مالها بغير إذنها. وأما توهمهما أن رد المال والحال هذه من الربا، فلا وجه له؛ لانفساِخ المضاربة بهذا الاعتداء الذي ذهب بمال المضاربة، وترتب عليه ضمانهما له.

قال البهوتي في كشاف القناع: ((وَهِيَ) أَيْ الْمُضَارَبَةُ (أَمَانَةٌ وَوَكَالَةٌ)؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَالْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ ... (وَإِنْ تَعَدَّى) الْعَامِلُ مَا أَمَرَ بِهِ رَبُّ الْمَالِ (فَغَصْبٌ) يَرُدُّ الْمَالَ وَرِبْحَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ كَالْغَاصِبِ.).

ولما لم يكن ربح للمال حيث إنهما تصرفا فيه في مصلحتهما قبل تشغيله بحسب ما يبدو من السؤال، فالذي يلزمهما هو رأس المال فليبادرا إلى رده امتثال لقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا {النساء:58}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني