الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصلحة سلامة العقيدة أولى من حفظ القبور

السؤال

قامت جماعة مسلحة إسلامية فى كردستان العراق باسم ( أنصار الإسلام ) بنبش جماعة من المراقد والقبور للأولياء والصالحين وحملوا رفاتهم إلى جهة مجهولة بحجة أن المراقد يعبدون من قبل الناس .. سؤالنا هل هو جائز نبش القبور وإخراج رفاتهم في الإسلام....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأصل هو عدم جواز نبش القبور، صيانة لحرمة الموتى، إلا أنه إذا وجدت حاجة تستدعي نبشها ونقلها من مكانها إلى مكان آخر، فلا بأس إن شاء الله في القيام بذلك، وقد تقدم بيان هذا الحكم في الفتوى رقم:
10802.
بناء على ذلك فإن الافتتان بصاحب القبر واعتقاد النفع والضر فيه لا شك في كونه حاجة، بل ضرورة تقتضي جواز نبش هذه القبور، ونقلها إلى مكان آخر، وإخفاءها عن عوام المسلمين، وإذا كان بعض الفقهاء قد أجاز نبش القبور لحاجة توسعة الطريق مثلاً، وهي مصلحة دنيوية محضة، فجواز هذه المسألة المسؤول عنها أولى وأحرى، إذ أن المصلحة هنا مصلحة شرعية، بل من أعظم المصالح إذ أنها تتعلق بأساس هذا الدين وهو جانب العقيدة، لأن التعلق بقبور الصالحين ذريعة إلى الشرك بالله، بسؤالهم والاستعانة بهم وطلب الحوائج من دون الله تعالى، كما هو واقع ومشاهد اليوم، وقد قام الصحابة بإخفاء قبر النبي دانيال لنفس هذا الغرض، قال أبو العالية رحمه الله: ( لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر رضي الله عنه، قيل لأبي العالية فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة فلما كان الليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه، فقلت: ما كانوا يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره، فيمطرون، فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال.) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد إيراد هذه القصة في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: (ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره لئلا يفتن به الناس وهو إنكار منهم لذلك.)
وهذا مقيد بأن لا يترتب على هذا العمل مفسدة أكبر من ذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني