الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركيب أنف من ذهب ووصل الشعر لا يستويان

السؤال

يا شيخ أنا بعلمي السطحي، والناقص أرى تناقضا (وحاشا أن يكون تناقضا) بين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابي بتركيب أنف من ذهب، وبين منعه لامرأة أن تصل شعرها، رغم اضطراها، ووجود مرض وعيب في رأسها, فالاثنان مضطران، وعندهما ضرورة.
فلماذا أجاز للصحابي ومنع المرأة؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً على حرصك على رفع الاستشكال، مع اليقين باستحالة تعارض النصوص مع بعضها.

ونفيدك أنه لا تعارض البتة؛ إذ إن إصلاح الأنف هو من باب الضرورة؛ ولذا قال الإمام ابن حبان: باب ما جاء في الحرير والذهب وغير ذلك. وذكر أدلة تحريم الذهب. ثم قال: باب فيما دعت إليه الضرورة من ذلك. وساق بإسناده عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ جَدِّهِ: أَنَّهُ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَب فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَاتَّخَذَ أَنْفاً مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفاً مِنْ ذَهَبٍ. رواه أحمد وأبو داود ، والترمذي، وصححه الألباني.

قال ابن قدامة في المغني: وأما الذهب فيباح منه ما دعت الضرورة إليه كالأنف في حق من قطع أنفه؛ لما روي عن عبد الرحمن بن طرفة، أن جده عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب . رواه أبو داود. وقال الإمام أحمد: ربط الأسنان بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس، فلا بأس به عند الضرورة. انتهى.

ولذلك اتخذ الفضة أولاً، فلما أنتن اتخذ الذهب، بينما الوصل تدليس وغش محرم، والشعر ليس ضرورة بخلاف الأنف، ولعلاج الصلع بدائل منها: الشعر الصناعي، وحاليا زراعة الشعر عند من يقول بجوازهما، وقد سبق الكلام عليها في الفتوى رقم: 45940، والفتوى رقم: 149937

وقد تكلمنا عن حكم الوصل بالفتوى رقم: 21698، ونص الحديث كما رواه البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- : أن جارية من الأنصار تزوجت، وأنها مرضت فتمعط شعرها، فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لعن الله الواصلة، والمستوصلة. ورواه مسلم بنحوه.

قال النووي- رحمه الله- في شرحه على صحيح مسلم: وهذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل، ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقاً، وهذا هو الظاهر المختار.

وقال: وفي هذا الحديث أن الوصل حرام، سواء كان لمعذورة أو عروس أو غيرهما. انتهى.

والخلاصة أن وصل الشعر ليس ضرورة، بخلاف تركيب الأنف الذهبي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني