الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية النطق بالمشيئة فيما لم يكن

السؤال

أعلم أن الذي يحدث أراد الله حدوثه، والذي لم يحدث لم يرد الله حدوثه، ولكن بعض الناس يقولون إن شاء الله سأتزوج، ويقولون إن شاء الله سأدرس.
كيف يدخلون كلمة إن شاء الله في أشياء لا تحدث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوجود وعدمه كلاهما بمشيئة الله تعالى.

قال الشيخ ابن عثيمين في (شرح الأربعين النووية): أجمع المسلمون على هذه الكلمة: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. فأي شيء يحدث فهو بمشيئة الله. وهذا عام، لما يفعله عزّ وجل بنفسه، وما يفعله العباد، فكله بمشيئة الله. اهـ.
وقال في بيان المرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقدر: المشيئة، ومعناها: أن تؤمن بأن كل كائن وجوداً أو عدماً فهو بمشيئة الله. اهـ.
فالموجود والمعدوم كله بمشيئة الله، فالأول وجود بمشيئته حيث شاء وجوده، والثاني لم يوجد بمشيئته حيث شاء ألا يوجد. ومن هنا أمكن تعليق عدم الفعل بمشيئة الله تعالى، فيسوغ للقائل أن يقول: لن أفعل كذا إن شاء الله، أي إن شاء الله ألا أفعل. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدع رجل منكم أن يعمل لله عز وجل ألف حسنة حين يصبح، يقول: سبحان الله وبحمده ـ مائة مرة ـ فإنه ألف حسنة؛ فإنه لن يعمل -إن شاء الله- مثل ذلك في يوم من الذنوب، ويكون ما عمل من خير سوى ذلك وافرا. رواه أحمد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره إن شاء الله. رواه مالك.
قال المباركفوري في (مرعاة المفاتيح): (ما شاء الله) أي: وجوده (كان) أي: وجد في وقت أراده (وما لم يشأ لم يكن) أي: لم يوجد أي: سواء يشاء العبد أو لم يشأ. وهذا معنى قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ}. اهـ.
وقال ابن رجب في (شرح حديث لبيك): فلا ينبغي لأحد أن يخبر بفعل يفعله في المستقبل إلا أن يلحقه بمشيئة الله، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والعبد لا يشاء إلا أن يشاء الله له. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 130717.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني