الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقدار أجر الصلاة ينبني على ما أتى به المصلي من الشروط, والسنن, والخشوع

السؤال

إذا كان المسلم يخرج من صلاته بربع الأجر، أو عشره، أو غير ذلك، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هذا يعتمد على درجة تدبره للقرآن والأذكار في الصلاة؟ وهل يختلف الأمر إذا كان في جماعة؟ حيث سمعت أكثر من مرة ـ ولا أدري صحة ذلك ـ أن صلاة الجماعة قد تقبل من الجميع بخشوع واحد من المأمومين؟ ومن صلى التراويح بجزء ولم يتدبر ما يسمعه أو يقرؤه فهل يكتب له قيام ليلة خاصة إذا كانت ليلة القدر - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمقدار أجر الصلاة ينبني على ما أتى به المصلي من الشروط, والأركان, والواجبات, والسنن, والخشوع, فكل هذا له تأثير في مقدار أجر الصلاة, وينقص أجرها بمقدار ما نقص من ذلك, ويستوفي أجرها بمقدار ما استوفى من ذلك، وليس بمقدار ما تدبره من القراءة والأذكار فقط, وقد روى أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمْنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُهَا، خُمْسُهَا، رُبْعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا.

قال في عون المعبود: وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْر صَلَاته ـ أَيْ: عُشْر ثَوَابهَا؛ لِمَا أَخَلَّ فِي الْأَرْكَان, وَالشَّرَائِط, وَالْخُشُوع, وَالْخُضُوع, وَغَيْر ذَلِكَ ... وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُل قَدْ يَنْصَرِف مِنْ صَلَاته وَلَمْ يُكْتَب لَهُ إِلَّا عُشْر ثَوَابهَا، أَوْ تُسْعهَا، أَوْ ثُمْنهَا .. إِلَخْ، بَلْ قَدْ لَا يُكْتَب لَهُ شَيْء مِنْ الصَّلَاة, وَلَا تُقْبَل أَصْلًا، كَمَا وَرَدَ فِي طَائِفَة مِنْ الْمُصَلِّينَ. اهـ.

وتدبر القرآن وأذكار الصلاة هو من الخشوع, وليس كل الخشوع.

وقد فُسِّرَ الخشوع في قوله تعالى: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:2}، ـ بأنه حضور القلب, وسكون الجوارح, والخوف, وبكل واحد من هذه الثلاثة قال جمع من المفسرين، كما ذكره ابن جرير الطبري، واختار أن الخشوع يعم ذلك كله، وبهذا تعلم جواب سؤالك الثالث فيمن قام الليل ولم يتدبر، فإنه يكتب له مقدار ما أتى به من الأركان, والشروط, والواجبات, والمستحبات, وينقص منه مقدار ما فاته من تدبر القراءة.

وأما كون الجماعة يُكتب لأصحابها الأجر كاملًا, وأجر الخشوع ولو لم يخشعوا بسبب خشوع واحد منهم، فهذا لا نعلم له مستندًا شرعيًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني