الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سؤال القبر...خاص بهذه الأمة أم لعامة الخلق

السؤال

إذا كان الميت يسأل في القبرعن ربه ودينه والرجل الذي بعث فيه فكيف كان يسأل الميت قبل الإسلام. وجزاكم الله خيراً.....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم هل سؤال القبر خاص بهذه الأمة أم هو لها ولغيرها من الأمم السابقة؟.
فذهب القرطبي إلى أن السؤال لهذه الأمة ولغيرها. وهذا هو ما رجحه ابن القيم.
وذهب أبو عبد الله الترمذي إلى أن السؤال خاص بهذه الأمة.
وتوقف جماعة من أهل العلم في هذه المسألة منهم أبو عمر بن عبد البر.
قال ابن القيم في كتابه الروح: قال أبو عبد الله الترمذي: إنما سؤال الميت في هذه الأمة خاصة، لأن الأمم قبلنا كانت الرسل تأتيهم بالرسالة، فإذا أبوا كفت الرسل واعتزلوهم وعولجوا بالعذاب، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة إماماً للخلق كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107].
أمسك عنهم العذاب وأعطي السيف حتى يدخل في الإسلام من دخل لمهابة السيف، ثم يرسخ الإيمان في قلبه، فأمهلوا، فمن ها هنا ظهر النفاق، وكانوا يسرون الكفر ويعلنون الإيمان فكانوا بين المسلمين في ستر، فلما ماتوا قيض الله لهم فتاني القبر ليستخرجا سرهما بالسؤال: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [الأنفال:37].
فـ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].

ثم عقب ابن القيم على هذا الكلام قائلاً: لا يدل هذا على اختصاص السؤال بهذه الأمة دون سائر الأمم....
ثم قال: والظاهر -والله أعلم- أن كل نبي مع أمته كذلك، وأنهم معذبون في قبورهم بعد السؤال لهم، وإقامة الحجة عليهم، كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة.
والحاصل: أن السؤال الملكي يجب الإيمان به كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الراجح من أقوال العلماء أنه عام لهذه الأمة ومن سبقها كما ذهب إليه القرطبي في كتابه التذكرة، ورجحه ابن القيم في كتابه الروح.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني